القديس كليمنضدس الأسكندري
والمعارف الإنسانية
د. جورج عوض إبراهيم
المعارف الإنسانة بالنسبة للقديس كليمنضدس يعتبرها من ضمن أعمال القدرة الإلهية. وهذا ليس غريبًا على شخص مثله سافر من أجل طلب العلم إلى جنوب إيطاليا وسوريا وفلسطين ليسمع أشهر المعلمين المسيحيين، وهذا ما نعرفه من الفصل الأول لكتابه "المتفرقات". كذلك نرى في كتاباته، ولأول مرة في تاريخ الأدب المسيحي، إلتقاء التعليم المسيحي مع الكتابات الأخرى المعاصرة له. لذا دعاه العالم كواستن "رائد الثقافة المسيحية". نحن في أشد الحاجة الآن للتعبير عن إيماننا بلغة وثقافة عصرنا، ولا نكون محبوسين في لغة الماضي وثقافته. حتى نتواصل مع إنسان اليوم علينا أن ندرك ثقافته ونتكلم لغته، وفي نفس الوقت نعبر عن إيماننا المستقيم وهو يلبس حُلة اليوم وليس الأمس، وإلا سنظهر لإنسان اليوم وكأننا كائنات أتت من كوكب آخر ونعيش زمن غير الزمن الحالي. هكذا كان كليمنضدس الذي لم يتردد في إستخدام أفضل ما في الفلسفة مستشهدًا بما قاله بولس: " صرت لليهودي كيهودي لأربح اليهود. وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس. وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس. مع أني لست بلا ناموس لله بل تحت ناموس المسيح لأربح الذين بلا ناموس" (1كو20:9ـ21).
لقد كان كليمنضدس ابن عصره، فقدَّ عرَّف العلوم الإنسانية التي كانت في زمانه واستخدمها في التعبير عن الإيمان المسيحي. ومساهمته الأساسية هي التعبير عن المسيحية بواسطة التراث الأدبي الثقافي الأممي لكي يتواصل مع أبناء عصره ويبشرهم بها. ويذكر كلمينضدس للقارئ تشبيهًا رائعًا في نهاية الفصل الأول من "المتفرقات" يعبر به عن قيامه بمزج الحق بنظريات الفلسفة قائلاً: " لذلك فإن المتفرقات سوف تحتوي على الحق مخلوطًا وممزوجًا بنظريات الفلسفة، أو بتعبير آخر مخفيًا ومخبوءًا في داخلها، كما يختفي الجزء الذي يؤكل من البندقة داخل قشرتها الصلبة لأنه في رأيي أنه من اللائق أن تُحفظ بذور الحق فقط لفلاحي الإيمان ولا تُبذل للآخرين".
إن الهدف الجوهري من استخدام المعارف الإنسانية ـ عند كليمنضدس ـ هو التبشير بالمسيح، لذا فيسوع المسيح بالنسبة للعالم ليس هو فقط ضابط الكل، لكن هو المربي العظيم إن معرفة الله هي هبة إلهية لا يمكن بلوغها بدون نعمته. من يرفض نعمة الله ويتجاهل الكلمة يبقى الله بالنسبة له غير معروف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق