25ـ من هو "النبي" في العهد الجديد
الاب رومانيدس – ترجمة
د جورج عوض
يقول بولس
الرسول: "فوضع الله أُناسًا في الكنيسة أولاً رُسلاً ثانيًا أنبياء ثالثًا
معلمين ثم قوات وبعد ذلك مواهب شفاء أعوانًا تدابير وأنواع ألسنة"
(1كو28:12). متأخرًا ساد الرأي بأن النبي عند بولس الرسول كان أسقف الكنيسة
للمسيحين الأوُل. إذن لدينا: الأول: الرسل، بعد ذلك، الأساقفة ثم الكهنة الذين
بحسب هذا الرأي هم معلمي الكنيسة.
لو قرأنا الآن الإصحاح الرابع للرسالة الأولي لأهل
كورنثوس للرسول بولس، نري أنه كان يوجد في
كنيسة كورنثوس أنبياء كثيرون مسيحيون
لديهم موهبة الرؤية والنبوة. لأنه يقول: إنه يتحدث الأنبياء في مجموعات أثنين
وثلاثة (أنظر 1كو29:14). إذن كان يوجد علي الأقل ثلاثة أنبياء وربما أكثر من سبعة.
هنا أنبياء كورنثوس لم يكونوا كلهم أساقفة.
لكن ماذا تعني كلمة أنبياء عند بولس الرسول؟ ماذا يعني،
تظهر من حقيقة أن في مرحلة أخري يكتب بولس الرسول أنه لم يُعلَّن بعد سر الله في
أجيال سابقة، كما أُعَلِن له، أي كما قد أُعلِن: " الآن لرسُله القديسين
وأنبيائه بالروح" (أفسس5:3).
هذا يعني أن المسيح لم يكن قد أُعلِن في العهد القديم
مثلما أُعلِن الآن في الرسل وفي الأنبياء. أي هنا لا يتحدث عن أنبياء العهد القديم،
بل عن أنبياء الكنيسة. وهذا يعني الآتي:
1ـ الرسول هو ذاك الذي قد أُعلِن له المسيح في مجدٍ.
لأجل هذا في إصحاح 15 من الرسالة الأولي لأهل كورنثوس يحصي بولس الرسول كل أولئك
الذين ظهر لهم المسيح بعد قيامته، وأيضًا في يوم الخميسين، لأنه لا يجد إختلافًا
بين ظهورات المسيح قبل الخمسين وبعد الخمسين.
إذن الملمح الأول للرسول لم يكن فقط أنه كان تلميذ
للمسيح قبل صلبه، بل حقيقة أن المسيح قد أعلن ذاته له في مجد بعد قيامته. لأجل هذا
يقول الرسول بولس: "وإن كنُا عرفنا المسيح حسب الجسد لكن الآن لا نعرفه
بعد" (2كو16:5). لأنه لكي يعرف المسيح بحسب الجسد، يعني أنه كان ينبغي أن يكون
لديه تعامل معه قبل صلبه، الأمر الذي لم يحدث مع بولس الرسول. إذن لا نعرف المسيح
بعد صلبه وقبره وقيامته بحسب الجسد بل بحسب الروح. أي نري المسيح ذهنيًا (قلبيًا)
بعيون النفس وكذلك في مجد بحسب خبرة الإتحاد والشركة.
2ـ النبي هو أيضاً الذي قد أُعلِن له المسيح. إذن يظهر
المسيح بعد قيامته، ويظهر في مجدٍ ، وهذه هي الخبرة التي يكتسبها المرء عندما يري
المسيح في مجدٍ، يجعله أوتوماتيكيًا رسول أو نبي. هذا يعني أن النبي الذي يتحدث
عنه بولس الرسول هو ذاك الذي وصل إلي مرحلة الاتحاد والشركة. وهذا يبدو واضًحا من
ذاك الذي قاله الرسول بولس قبل أن يقول ".... فوضع الله أناسًا في الكنيسة أولاً
رسلاً ثانيًا أنبياء ثالثًا معلمين ثم قوات..."، إذ قال: "وإن كان عضو
واحد يُكرَّم (يُمجَّد) فجميع الأعضاء تفرح معه" (1كو26:12).
علي الجانب الآخر، قد صار مقبولاً أن ما كتبه القديس
ديونسيوس الأريوباغي عن الأساقفة، لم يبتعد عن الحقيقة. أي، كما أن النبي عند بولس
الرسول هو ذاك الذي قد وصل إلي مرحلة تذوق الشركة. أيضًا من هؤلاء الأنبياء الذي
تحدث عنهم بولس الرسول يأتي أساقفة الكنيسة.
القديس نيكيتاس ستيثاتوس Νικήτας Στηθᾶτος يخبرنا بأنه يوجد أناس قد
رُسمِوا مباشرةً أساقفة من الله ذاته، بالرغم من أنهم غير معروفين كأساقفة من
الناس. لكن هم أساقفة ولديهم سلطة الأسقف الروحية.
يبدو وقتذاك أنه كان يوجد إضطراب في كنيسة كورنثوس ، لأن
بعض من الذين كانوا يتكلمون بألسنة التي هي أنواع مختلفة من صلاة القلب الذهنية
إعتقدوا انهم كانوا في إستطاعتهم أن يتساووا مع الآخرين. لذلك قال بولس الرسول
حاسمًا هذا الأمر، الرسل هم أولاً ثم الأنبياء وبعد ذلك المعلمون وينهي بمَنْ
يتكلمون بألسنة.
في إصحاحات 13، 14، 15 من الرسالة الأولي لأهل كورنثوس
يفسر بولس الرسول تفسيرًا كاملاً للإكليسيولوجيا الارثوذكسية أي لمفهوم الكنيسة .
من هذا يبدو بوضوح أن في كنائس بولس الرسول، كل أعضاء جسد المسيح كانوا مدعوين من
الله θεόκλητα
وهذا، لأن الكل قد قبِلوا حلول
الروح القدس في قلوبهم. إذن كانوا مدعوين من الله، أعضاء جسد المسيح طالما قد
رُسموا من الروح القدس ذاته. ومثلما الرسل وصلوا إلي التمجيد، أي إلي الشركة ،
بنفس الطريقة، الأنبياء كانوا أولئك الذين أيضًا قد وصلوا إلي الإستنارة فقط.