الخميس، 15 سبتمبر 2011

الوسائل البصرية والسمعية في تعليم المسيح


الوسائل البصرية والسمعية في تعليم المسيح

                                            د.جورج عوض ابراهيم
إن استخدام الوسائل البصرية والسمعية في التعليم الحديث أصبح أمر ضروري وحتمي ليس لكي يضمن فقط الترابط بين الخبرات البصرية والسمعية في تعضيد المعرفة المقدّمة وغرسها في الذاكرة بل أيضًا هي ضرورية للإدراك التام لمحتوي هذه المعرفة.
هذه الوسائل البصرية والسمعية تساهم جوهريًا في ضمان المشاركة الحيوية للتلاميذ بالإنجذاب للصورة والصوت.
إستخدم المسيح في تعليمه الوسائل البصرية والسمعية وهذه الوسائل كانت توجد بوفرة في البيئة الطبيعية ، إذ أن تعليمه صار في أماكن مفتوحة، في الخلاء عادةً حيث غني صور الطبيعة، وغني الجمال الفائق الذي قُدِّم بطريقة مباشرة. إن الحصول علي المعرفة من المجال المحسوس كوسيلة مدهشة تقود تصاعديًا وتربويًا إدراك المفاهيم السامية، لكن من الجانب اللاهوتي كان يوجد عنصر الوحدة بين العالم المحسوس والعالم فوق المحسوس داخل هذا التعليم.

نصائح يسوع للتلاميذ ولسامعيه، مثل:
·          "  ارْفَعُوا أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ابْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ" (يو35:4).
·          " اُنْظُرُوا إِلَى شَجَرَةِ التِّينِ وَكُلِّ الأَشْجَارِ" (لو29:21).
·          " اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟" (مت26:6).
·          "  وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ" (مت28:6).
هذه النصائح  تدل علي أن اللجوء إلي الطبيعة لتقييم الصورة الموجودة فيها هو بمثابة إستخدام رائع للمادة البصرية والسمعية.

الظواهر الطبيعية كانت مصدر جدير للوسائل البصرية، مثل:
·          "سُحب السماء" (مت30:24)، السماء بصفاتها وعبوسها :إذًا كان المساء قلتم صحو. لأن السماء محَّمرة وفي الصباح اليوم شتاء. لأن السماء محمَّرة بعبوسةٍ. يا مراؤون تعرفون ان تميزوا وجه السماء وأما علامات الأزمنة فلا تستطعيون" (مت2:16ـ3).
·          المطر والشمس: " فأنه يُشرق شمسُه علي الأشرار والصالحين ويمطر علي الأبرار والظالمين" (مت45:5) جاءت هذه الآية في سياق: " أحبوا أعداءكم. باركوا لأعنيكم. احسنوا إلي مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" (مت44:5).
·          البرق والزلازل: " لأنه تقوم أمةُ علي أمةٍ ومملكةُ علي مملكةٍ وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن" (مت7:24). هكذا يكون أيضًا مجيء ابن الإنسان" (مت27:24).




أيضًا المهن والأعمال التي كان يعمل بها سامعيه والتي ترتبط بالطبيعة أُستخدمت كصور عملية في تعليمه، مثل:
·          عمل الزارع: " ليس أحد يضع يده علي المحراث وينظر إلي الوراء ويصلح لمكلوت الله" (لو62:9) وجاءت في سيأتي الذي أراد أن يتبع المسيح لكن قال له: " تبعك يا سيد ولكن ائذن لي أن اودع الذين في بيتي" (لو61:9).
·          جامع المحاصيل: "  أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ"  (مت11:3ـ12).
·          الخياط: "   لَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْب عَتِيق، لأَنَّ الْمِلْءَ يَأْخُذُ مِنَ الثَّوْبِ، فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ" (مت16:9).

أنشغالات وخبرات الحياة اليومية كانت بمثابة وسائل بها عناصر تصويرية، مثل:
·          المرأة التي تلد: " اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ، وَلكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ. فَأَنْتُمْ كَذلِكَ، عِنْدَكُمُ الآنَ حُزْنٌ. وَلكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ" (يو21:16ـ22).
·        جامع المحاصيل: " الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ" (مت12:3).

أهمية الصورة كوسيلة بصرية وكدور وظيفي في تعليم يسوع:
" لأن أموره غير المنظورة تُري" (رو20:1).
كان ينبغي علي المسيح أن يقدم مفاهيم سامية بسبب الملمح الفوقاني للحقائق المعلنة إلي سامعيه. هكذا القدرات الإدراكية الناقصة وعدم تقارب عمر سامعيه وثقافتهم ومعرفتهم ومراتبهم كانت بمثابة عناصر سلبية لإنتاج عمل تعليمي سهل وهادف. والنتيجة كان يجب أن يستخدم مناهج وأساليب لتخطي الصعوبات التي ذُكرَت.
فوقانية (سمو) الحقائق وغياب الأساسيات الضرورية من جانب المتلقين تلاميذه، لم يساهموا في إنتاج عمل تعليمي سلسل وفعّال. لأجل هذا الصورة كانت هي الوسيلة المناسبة لتقديم محتوي تعليم يسوع الخلاصي. مبدأ الوسيلة البصرية، الشرط الأساسي لتعليم فعَّال في التربية الحديثة، إستخدمه المسيح بطريقة مؤثرة في تعليمه.

الصورة تعرض ثلاثة أشكال:
1ـ الشكل البصري.
2ـ الشكل التعبيري اللغوي.
3ـ الشكل السمعي.
تقود الثلاثة أشكال إلي صياغة المفاهيم لكي يدركها الجميع بغض النظر عن مستوي الإدراك أو أي إختلافات أخري للمتلقين، لأن هذه الأشكال نابعة من خبرة البشر الحياتية.
الأساسية التي تجعل الصورة بأشكالها الثلاثة هي الناقل المناسب للمفاهيم الصعبة هي الآتي:
(أ)ـ الأسباب الخاصة بالصورة البصرية:
+ الشكل الذي يرتبط بمناظر عملية مادية.
+ اللون الذي يقدم الجذب والحيوية.
+ التركبية التي تقدم تعبيرها الخاص المتناسب مع العنصر المصور.
+ إمكانية المقارنة والتورية والتشبيه والمجاز للإرتفاع من المحسوسات إلي الأمور فوق المحسوسة ، من المنظورات إلي الأمور الذهنية.

(ب)ـ الأسباب الخاصة بالصورة التعبيرية:
+ وصف الأشخاص والأشياء والحالات بعناصر اللغة السائدة في المجتمع اليومي.
+ الحيوية عندما يرتبط القول الشفاهي بمستويات الصوت، وتعبير الوجه وحركات الجسد.
+ الإنجذاب الناتج ليس فقط من سحر الكلمة بل من شخصية المتحدث.
+ تجسيد المفاهيم المجردة وجعلها محسوسة.
      الصورة التعبيرية تهدف من خلال الوسائل والعناصر التعبيرية إلي إعادة خلق للصورة، حيث تتشكل بواسطة المحسوسات كتعبير لغوي لها. أي صورة لا تتشكل تمامًا لكي تصير فكرة أو مفهوم معلن بدون الإستناد علي الخبرات التي تُقدَّم للجسد والنفس. لذلك دائمًا الصورة التعبيرية وتعلَّن دائمًا بالخبرات الحسية للفرد.

(ج)ـ الأسباب الخاصة بالصورة السمعية:
+ تجانس الأصوات كمؤثرات تعبيرية نسبية.
+ النوعية (تركيب ـ بساطة ـ سهولة) التي تعبر عن أحاسيس متماثلة: (مت16:21) " من أفواه الأطفال والُرضع هيأت سُبحًا"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق