أعضاء الكنيسة الأحياء والمرضي
عظات للمعمدين الجدد
العظة السابعة
الأب
ايروثيوس فلاخوس – ترجمة د. جورج عوض
1ـ الإبن
الأكبر
2ـ أعضاء
معافية ومريضة
3ـ ملامح
المسيحية الحقيقية
الأب في المثل الذي درسناه له أبنين, الأصغر
والأكبر. الأصغر ذهب بعيدًا عن البيت ورجع تائبًا, بينما الأكبر ظَّل في البيت,
وحفظ واجباته النمطية, لكن في النهاية إبتعد, لأنه عُثِر من محبته أبيه تجاه الإبن
الأصغر العائد.
حين رجع
أخية الأصغر, غضب الإبن الأكبر ولم يرد أن يدخل : "وَكَانَ ابْنُهُ
الأَكْبَرُ فِي الْحَقْلِ. فَلَمَّا جَاءَ وَقَرُبَ مِنَ الْبَيْتِ، سَمِعَ صَوْتَ
آلاَتِ طَرَبٍ وَرَقْصًا. فَدَعَا وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَسَأَلَهُ: مَا
عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ: أَخُوكَ جَاءَ فَذَبَحَ أَبُوكَ الْعِجْلَ
الْمُسَمَّنَ، لأَنَّهُ قَبِلَهُ سَالِمًا. فَغَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُلَ.
فَخَرَجَ أَبُوهُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ. فَأَجَابَ وَقَالَ لأَبِيهِ: هَا أَنَا
أَخْدِمُكَ سِنِينَ هذَا عَدَدُهَا، وَقَطُّ لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصِيَّتَكَ،
وَجَدْيًا لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ لأَفْرَحَ مَعَ أَصْدِقَائِي. وَلكِنْ لَمَّا
جَاءَ ابْنُكَ هذَا الَّذِي أَكَلَ مَعِيشَتَكَ مَعَ الزَّوَانِي، ذَبَحْتَ لَهُ
الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ! فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ،
وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ. وَلكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ،
لأَنَّ أَخَاكَ هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالُا فَوُجِدَ»"
(لو25:15ـ32).
تشخيص الإبن الأكبر هو واضح لأولئك الذين يبقون
نمطيًا في الكنيسة. الذي يحلل الحالة النفسية للإبن الأكبر يلاحظ أن لديه أحساس
بأنه يحفظ وصايا أبيه ، هو في الواقع واحد قانوني. وبالطبع لم يكن يحفظ الناموس
بطريقة صحيحة, لأن حفظ الناموس بدون المحبة لا يصنع إبن حقيقي لله. ثم شعر أنه له
الحق للبقاء في بيت أبيه. لديه مطالب تأتي من حفظه الأمين لوصاياه. أيضًا ليس لديه
محبة, وشوق ورحمة. هو عديم الإحساس برجوع أخيه المعذب. وغياب المحبة هذه عبَّر
عنها بهجوم شديد. ليس هو أخي, بل "هذا الإبن" هو ضال, "الذي أكل
معشيته مع الزواني". بالتالي, الساعة التي أظهر فيها الإبن الأصغر توبة وفرح
بالإحتفال في البيت, أظهر الإبن الأكبر مرضه الروحي وظَّل خارج البيت.
يوجد في الكنيسة أعضاء معافية صحيحة وأعضاء
مريضة، بالحري أود أن نري مرض أعضاء الكنيسة الروحي.
بسر المعمودية والمسحة نصير أعضاء الكنيسة,
أعضاء جسد المسيح. يسبق المعمودية فترة نسكية التي هي فترة الوعظ ويتبعها حياة
نسكية الذي هو حفظ وصايا المسيح. المعمودية قي الواقع هي بداية الحياة الجديدة في
المسيح, ليست هي النهاية. قال المسيح لتلاميذه: " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا
جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا
مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» (مت19:28ـ20). كان يجب علي
التلاميذ أن يصنعوا أمرين الأول أن يعمدوا الناس وثم بعد ذلك يعلموهم أن
يحفظوا وصايا المسيح. بالتالي, لا يكفي المعمودية, بل أيضًا حفظ وصايا المسيح.
لكي يحصل أحد علي خلاصة يجب أن يكون مُعمَّد
وعنده يقين الإيمان كما يقول القديس سمعان اللاهوتي الجديد. هذا يعني أنه يجب أن
يُعمَّد, لأن: " مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ
يُؤْمِنْ يُدَنْ" (مر16:16), وبعد ذلك يجب أن يحيا وفق رسالة المسيحي
الأرثوذكسي. هذا نراه في كل منظومة بشرية. لا ينبغي ببساطة أن يُسجَّل أحد في
نقابة أو جماعة, بل يجب أن يحفظ كل الواجبات التي تخص أعضاء هذه المنظومة.
بالتأكيد, نعمة المعمودية لا تُفقد إطلاقًا, بل
تظَّل داخل قلب الإنسان. لكن, كما يُعَلِم الآباء القديسون, بالخطايا الذي يرتكبها
الإنسان, نغطي هذه النعمة بالشهوات. هكذا,
في هذه الحالة النعمة ممكنة لعضو الكنيسة وليست في حالة تفعيل. أي لديه إمكانية أن
يصل إلي حياة الشركة مع الله لكن هو ذاته بإختيارة الحر لا يفعَّل هذة الامكانية .
إنه يشبه ماكينة لديها إمكانية أن تنتج عمل لكن لم تتصل بالطاقة الكهربائية. يشبه
تلفزيون مغلق, بينما لديه كل الإمكانيات أن يعمل ويُظهِر صورة.
بهذه الأهمية في الكتاب المقدس ونصوص الآباء
القديسين يصير حديث عن أعضاء مريضة وأعضاء ميته في الكنيسة . فالكنيسة هي حياة
طالما هي جسد المسيح الذي هو نور وحياة للبشر. مَنْ لا يحيا حقًا في الكنيسة ليست
له حياة وبالتالي هو ميت. لديه بالطبع حياة بيولوجية لكن ليس لديه نعمة الله فيه.
سوف نري كيف أن عضو في الكنيسة يشبه الإبن
الأكبر في مثل الإبن الضال ولكي نراه من الأفضل ان نعرف كيف يكون المرء عضو حي في
الكنيسة.
عضو الكنيسة الحقيقي والمسيحي الحقيقي هو ذاك
الذي تتوفر له الملامح الآتية:
أولاً: يظل في الكنيسة طالما لا
يأتي إليها بإلحاد وهرطقة ولا يشارك في
إجتماعات الهراطقة هذا يعني إنه يقبل قبولاً مطلقًا الإيمان الذي يعترف بقانون
الإيمان, يشترك في أسرار الكنيسة, يتقدس منها ويمارس في حياته الشخصية وصايا الله.
يشعر بأنه يظل في الكنيسة لكي يخلُّص وليس لكي يُخلصَّها, لأن الكنيسة لا تحتاج
للخلاص.
ثانيًا: يشعر بأنه إبن لله, أي له أب, ليس هو يتيم. أبيه العظيم هو الله. لكن
أيضًا الإكليريكيون هم آباء, طالما هم في مثال ومكان حضور المسيح. بالتالي, عضو
الكنيسة الحقيقي يُطيع الأساقفة, والإكليروس, ولديه حياته الروحية. وبالتأكيد,
يقبل تعليم الآباء القديسين ويحاول أن يتمثل بحياتهم, أي ممارستهم وشهادتهم.
ثالثًا: يشعر أنه ينتمي للعائلة وبالتالي لديه إخوة روحيين ليس هو بمفرده في
الكنيسة. هذا يعني أولاً أنه يحب إخوته. لا يحكم عليهم أو يدينهم بأخطائهم حتى لو
إرتكبوها. يجب أن يكون صبور ومحتمل لضعفاتهم. ثم يعلن محبته بطرق متنوعة. يتقاسم
الألم معهم وكذلك الفرح. فرح الآخرين هو فرحه, وحزنهم هو حزنه, المحبة شركة محبة,
الإيمان وحدة الإيمان. الكل يجب أن يشعر بأنه مشترك ، يجب أن يشعر بأن الكنيسة هي
العائلة, كما بالضبط شعر المسيحيون الأوائل, بحسب وصف سفر الأعمال (أع41:2ـ47). لو
حاول أن يحفظ ناموس الله, وليست لديه محبة, لن يكون مسيحي حقيقي, إنه عضو مريض
للكنيسة.
رابعًا: في حالة الخطية يتبع تربية شفائية. الإنسان هو متغير هذا يعني أنه يتغير,
يتعرض للجرح في أثناء حياته. بالتالي هو يكون لكي يخطئ. الكتاب المقدس يقول:
"مَنْ يُخْرِجُ الطَّاهِرَ مِنَ النَّجِسِ؟ لاَ أَحَدٌ! إِنْ كَانَتْ
أَيَّامُهُ مَحْدُودَةً، وَعَدَدُ أَشْهُرِهِ عِنْدَكَ، وَقَدْ عَيَّنْتَ أَجَلَهُ
فَلاَ يَتَجَاوَزُهُ" (ايوب4:14ـ5). يوحنا الإنجيلي أيضًا يقول: "إِنْ
قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ
فِينَا" (1يو8:1).
الخطايا ليست ذنوب ورفض بسيط للناموس, بل بالحري قبل كل شيء هي جروح وأمراض
الإنسان الخاطئ هو مريض روحيًا. بالتالي, لمواجهة الخطية يجب أن يُوضَّع في إطار
شفائي وطبي. الكاهن هو طبيب يمارس وظيفته في إسم الطبيب الأعظم, الذي هو المسيح.
هو يطهر ويغسل الجروح, يعمل تدخلات جراحية, لو الأمر يستدعي ذلك, وعامةً يشفي
الجروح في هذا الإطار, يجب أن نري التوبة والإعتراف ووصايا الأب الروحي, والتي
تُدعَّي التأنيبات أو التوبيخات. يجب أن نتوب, أي نشعر بالخطأ والمرض, أن نريد الشفاء,
أن نلجأ إلي المعالج (الشافي) لكي نعترف بمرضنا, لكي نكشف كل المخفيات والمراحل
الخفية للمرض وبعد ذلك نتبع الإشارات الشفائية للطبيب الروحي بشجاعة وغيرة حسنة.
الكنيسة لديها سر التوبة والإعتراف.
عندما يخطئ أحد, في الكنيسة الأولي, عندما يمرض مرضًا خطيرًا ينضم مرة أخري
لصف الموعوظين. لأجل هذا النجسين يُحسبوا من فئة الموعوظين والممسوسين والخطاة
التائبين. كل هؤلاء يتبعون تربية شفائية مناسبة. بالتأكيد, المسيحيون الذين أخطأوا
والتائبون الذين بالفعل قد تعمدوا, لا يتعمدوا مرة أخري, من جديد, بل كان يجب أن
يمروا في مرحلة التوبة ويشعروا في قلوبهم بأن نعمة الله تعمل ثانيةً.
عندما يهجر المسيحي المعمد الكنيسة ويسقط في هرطقات, عندئذٍ كان يجب عليه
أن يمر في إجراء معين لكي ينضم ثانيةً للكنيسة. الحاجة إلي التوبة, تسجيل إقرار
فيه يستنكر هذه الهرطقة التي وقع فيها, والمسحة.
بالتالي ندرك من كل هذا أنه لا
يكفي فقط المعمودية, بل الحاجة أن يحيا المرء وفق وصايا الله لكي يكون عضو حقيقي
للكنيسة. ولو مَرَضَ وهذا أمر وارد, عندئذٍ يوجد منهج خاص لكي يجد مرة أخري
مسيحيته معافية.
أسئلة وأجوابة
1ـ مَنْ الذي يُوصف بأنه ناموسي؟
الذي يحفظ خارجيًا الناموس وأيضًا
بدون أن تكون لديه محبة.
2ـ هل يكفي فقط المعمودية للخلاص؟
الحاجة أيضًا إلي حياة الفضيلة والنسك بعد
المعمودية. المعمدون والمؤمنون إيمانًا ثابتًا يخلصُون. الحاجة إلي معمودية وحفظ
الوصايا: "عمدوهم وعلموهم حفظ الوصايا", هكذا قال المسيح.
3ـ هل تُفقد النعمة التي نالها المرء بعد المعمودية عندما يرتكب خطية؟
لا تُفقَّد بل تتغطي بالشهوات.
4ـ ما هو مفهوم تعبيرات مثل "إمكانية" و "تفعيل" لعضو
الكنيسة؟
الإمكانية «δυνὰμει» تعلن الذين تعمدوا ولديهم إمكانية أن يصلوا إلي الاتحاد بالله .
التفعيل «ενεργεία» تعلن
الذين فعَّلوا بحريتهم هذه الإمكانية .
5ـ ما هي صفات أعضاء الكنيسة الحية؟
يظلون في الكنيسة, أي لا يشتركون
في إجتماعات هرطوقية, يشعرون أن لهم أب, الله وآباء من الإكليروس, ويشعرون أن لهم
أخوة يُظهرون لهم محبة وعندما يخطئوا يرجعون بالتوبة.
6ـ هل الخطية هي مرض. ماذا نفعل لكي نُشفي؟
نشعر بالمرض, نريد الشفاء, نلجأ
إلي المشفي الروحي ونقبل الأدوية ووصاياه.
7ـ كيف يشفون المرضي روحيًا في الكنيسة الأولي؟
يُحسبوا من ضمن صف الموعوظين حيث
يقبلوا التربية الشفائية بدون أن يتعمدوا من جديد. التوبة تعتبر مثل المعمودية
التي تُدعَّي معمودية ثانية, معمودية التوبة.