الأحد، 25 سبتمبر 2011

25ـ من هو "النبي" في العهد الجديد


25ـ من هو "النبي" في العهد الجديد
                          الاب رومانيدس – ترجمة د جورج عوض
 يقول بولس الرسول: "فوضع الله أُناسًا في الكنيسة أولاً رُسلاً ثانيًا أنبياء ثالثًا معلمين ثم قوات وبعد ذلك مواهب شفاء أعوانًا تدابير وأنواع ألسنة" (1كو28:12). متأخرًا ساد الرأي بأن النبي عند بولس الرسول كان أسقف الكنيسة للمسيحين الأوُل. إذن لدينا: الأول: الرسل، بعد ذلك، الأساقفة ثم الكهنة الذين بحسب هذا الرأي هم معلمي الكنيسة.
لو قرأنا الآن الإصحاح الرابع للرسالة الأولي لأهل كورنثوس للرسول بولس، نري  أنه كان يوجد في كنيسة كورنثوس  أنبياء كثيرون مسيحيون لديهم موهبة الرؤية والنبوة. لأنه يقول: إنه يتحدث الأنبياء في مجموعات أثنين وثلاثة (أنظر 1كو29:14). إذن كان يوجد علي الأقل ثلاثة أنبياء وربما أكثر من سبعة. هنا أنبياء كورنثوس لم يكونوا كلهم أساقفة.
لكن ماذا تعني كلمة أنبياء عند بولس الرسول؟ ماذا يعني، تظهر من حقيقة أن في مرحلة أخري يكتب بولس الرسول أنه لم يُعلَّن بعد سر الله في أجيال سابقة، كما أُعَلِن له، أي كما قد أُعلِن: " الآن لرسُله القديسين وأنبيائه بالروح" (أفسس5:3).
هذا يعني أن المسيح لم يكن قد أُعلِن في العهد القديم مثلما أُعلِن الآن في الرسل وفي الأنبياء. أي هنا لا يتحدث عن أنبياء العهد القديم، بل عن أنبياء الكنيسة. وهذا يعني الآتي:
1ـ الرسول هو ذاك الذي قد أُعلِن له المسيح في مجدٍ. لأجل هذا في إصحاح 15 من الرسالة الأولي لأهل كورنثوس يحصي بولس الرسول كل أولئك الذين ظهر لهم المسيح بعد قيامته، وأيضًا في يوم الخميسين، لأنه لا يجد إختلافًا بين ظهورات المسيح قبل الخمسين وبعد الخمسين.
إذن الملمح الأول للرسول لم يكن فقط أنه كان تلميذ للمسيح قبل صلبه، بل حقيقة أن المسيح قد أعلن ذاته له في مجد بعد قيامته. لأجل هذا يقول الرسول بولس: "وإن كنُا عرفنا المسيح حسب الجسد لكن الآن لا نعرفه بعد" (2كو16:5). لأنه لكي يعرف المسيح بحسب الجسد، يعني أنه كان ينبغي أن يكون لديه تعامل معه قبل صلبه، الأمر الذي لم يحدث مع بولس الرسول. إذن لا نعرف المسيح بعد صلبه وقبره وقيامته بحسب الجسد بل بحسب الروح. أي نري المسيح ذهنيًا (قلبيًا) بعيون النفس وكذلك في مجد بحسب خبرة الإتحاد والشركة.
2ـ النبي هو أيضاً الذي قد أُعلِن له المسيح. إذن يظهر المسيح بعد قيامته، ويظهر في مجدٍ ، وهذه هي الخبرة التي يكتسبها المرء عندما يري المسيح في مجدٍ، يجعله أوتوماتيكيًا رسول أو نبي. هذا يعني أن النبي الذي يتحدث عنه بولس الرسول هو ذاك الذي وصل إلي مرحلة الاتحاد والشركة. وهذا يبدو واضًحا من ذاك الذي قاله الرسول بولس قبل أن يقول ".... فوضع الله أناسًا في الكنيسة أولاً رسلاً ثانيًا أنبياء ثالثًا معلمين ثم قوات..."، إذ قال: "وإن كان عضو واحد يُكرَّم (يُمجَّد) فجميع الأعضاء تفرح معه" (1كو26:12).
علي الجانب الآخر، قد صار مقبولاً أن ما كتبه القديس ديونسيوس الأريوباغي عن الأساقفة، لم يبتعد عن الحقيقة. أي، كما أن النبي عند بولس الرسول هو ذاك الذي قد وصل إلي مرحلة تذوق الشركة. أيضًا من هؤلاء الأنبياء الذي تحدث عنهم بولس الرسول يأتي أساقفة الكنيسة.
القديس نيكيتاس ستيثاتوس Νικήτας Στηθᾶτος يخبرنا بأنه يوجد أناس قد رُسمِوا مباشرةً أساقفة من الله ذاته، بالرغم من أنهم غير معروفين كأساقفة من الناس. لكن هم أساقفة ولديهم سلطة الأسقف الروحية.
يبدو وقتذاك أنه كان يوجد إضطراب في كنيسة كورنثوس ، لأن بعض من الذين كانوا يتكلمون بألسنة التي هي أنواع مختلفة من صلاة القلب الذهنية إعتقدوا انهم كانوا في إستطاعتهم أن يتساووا مع الآخرين. لذلك قال بولس الرسول حاسمًا هذا الأمر، الرسل هم أولاً ثم الأنبياء وبعد ذلك المعلمون وينهي بمَنْ يتكلمون بألسنة.
في إصحاحات 13، 14، 15 من الرسالة الأولي لأهل كورنثوس يفسر بولس الرسول تفسيرًا كاملاً للإكليسيولوجيا الارثوذكسية أي لمفهوم الكنيسة . من هذا يبدو بوضوح أن في كنائس بولس الرسول، كل أعضاء جسد المسيح كانوا مدعوين من الله θεόκλητα   
 وهذا، لأن الكل قد قبِلوا حلول الروح القدس في قلوبهم. إذن كانوا مدعوين من الله، أعضاء جسد المسيح طالما قد رُسموا من الروح القدس ذاته. ومثلما الرسل وصلوا إلي التمجيد، أي إلي الشركة ، بنفس الطريقة، الأنبياء كانوا أولئك الذين أيضًا قد وصلوا  إلي الإستنارة فقط. 

الخميس، 15 سبتمبر 2011

الوسائل البصرية والسمعية في تعليم المسيح


الوسائل البصرية والسمعية في تعليم المسيح

                                            د.جورج عوض ابراهيم
إن استخدام الوسائل البصرية والسمعية في التعليم الحديث أصبح أمر ضروري وحتمي ليس لكي يضمن فقط الترابط بين الخبرات البصرية والسمعية في تعضيد المعرفة المقدّمة وغرسها في الذاكرة بل أيضًا هي ضرورية للإدراك التام لمحتوي هذه المعرفة.
هذه الوسائل البصرية والسمعية تساهم جوهريًا في ضمان المشاركة الحيوية للتلاميذ بالإنجذاب للصورة والصوت.
إستخدم المسيح في تعليمه الوسائل البصرية والسمعية وهذه الوسائل كانت توجد بوفرة في البيئة الطبيعية ، إذ أن تعليمه صار في أماكن مفتوحة، في الخلاء عادةً حيث غني صور الطبيعة، وغني الجمال الفائق الذي قُدِّم بطريقة مباشرة. إن الحصول علي المعرفة من المجال المحسوس كوسيلة مدهشة تقود تصاعديًا وتربويًا إدراك المفاهيم السامية، لكن من الجانب اللاهوتي كان يوجد عنصر الوحدة بين العالم المحسوس والعالم فوق المحسوس داخل هذا التعليم.

نصائح يسوع للتلاميذ ولسامعيه، مثل:
·          "  ارْفَعُوا أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ابْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ" (يو35:4).
·          " اُنْظُرُوا إِلَى شَجَرَةِ التِّينِ وَكُلِّ الأَشْجَارِ" (لو29:21).
·          " اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟" (مت26:6).
·          "  وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ" (مت28:6).
هذه النصائح  تدل علي أن اللجوء إلي الطبيعة لتقييم الصورة الموجودة فيها هو بمثابة إستخدام رائع للمادة البصرية والسمعية.

الظواهر الطبيعية كانت مصدر جدير للوسائل البصرية، مثل:
·          "سُحب السماء" (مت30:24)، السماء بصفاتها وعبوسها :إذًا كان المساء قلتم صحو. لأن السماء محَّمرة وفي الصباح اليوم شتاء. لأن السماء محمَّرة بعبوسةٍ. يا مراؤون تعرفون ان تميزوا وجه السماء وأما علامات الأزمنة فلا تستطعيون" (مت2:16ـ3).
·          المطر والشمس: " فأنه يُشرق شمسُه علي الأشرار والصالحين ويمطر علي الأبرار والظالمين" (مت45:5) جاءت هذه الآية في سياق: " أحبوا أعداءكم. باركوا لأعنيكم. احسنوا إلي مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" (مت44:5).
·          البرق والزلازل: " لأنه تقوم أمةُ علي أمةٍ ومملكةُ علي مملكةٍ وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن" (مت7:24). هكذا يكون أيضًا مجيء ابن الإنسان" (مت27:24).




أيضًا المهن والأعمال التي كان يعمل بها سامعيه والتي ترتبط بالطبيعة أُستخدمت كصور عملية في تعليمه، مثل:
·          عمل الزارع: " ليس أحد يضع يده علي المحراث وينظر إلي الوراء ويصلح لمكلوت الله" (لو62:9) وجاءت في سيأتي الذي أراد أن يتبع المسيح لكن قال له: " تبعك يا سيد ولكن ائذن لي أن اودع الذين في بيتي" (لو61:9).
·          جامع المحاصيل: "  أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ"  (مت11:3ـ12).
·          الخياط: "   لَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْب عَتِيق، لأَنَّ الْمِلْءَ يَأْخُذُ مِنَ الثَّوْبِ، فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ" (مت16:9).

أنشغالات وخبرات الحياة اليومية كانت بمثابة وسائل بها عناصر تصويرية، مثل:
·          المرأة التي تلد: " اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ، وَلكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ. فَأَنْتُمْ كَذلِكَ، عِنْدَكُمُ الآنَ حُزْنٌ. وَلكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ" (يو21:16ـ22).
·        جامع المحاصيل: " الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ" (مت12:3).

أهمية الصورة كوسيلة بصرية وكدور وظيفي في تعليم يسوع:
" لأن أموره غير المنظورة تُري" (رو20:1).
كان ينبغي علي المسيح أن يقدم مفاهيم سامية بسبب الملمح الفوقاني للحقائق المعلنة إلي سامعيه. هكذا القدرات الإدراكية الناقصة وعدم تقارب عمر سامعيه وثقافتهم ومعرفتهم ومراتبهم كانت بمثابة عناصر سلبية لإنتاج عمل تعليمي سهل وهادف. والنتيجة كان يجب أن يستخدم مناهج وأساليب لتخطي الصعوبات التي ذُكرَت.
فوقانية (سمو) الحقائق وغياب الأساسيات الضرورية من جانب المتلقين تلاميذه، لم يساهموا في إنتاج عمل تعليمي سلسل وفعّال. لأجل هذا الصورة كانت هي الوسيلة المناسبة لتقديم محتوي تعليم يسوع الخلاصي. مبدأ الوسيلة البصرية، الشرط الأساسي لتعليم فعَّال في التربية الحديثة، إستخدمه المسيح بطريقة مؤثرة في تعليمه.

الصورة تعرض ثلاثة أشكال:
1ـ الشكل البصري.
2ـ الشكل التعبيري اللغوي.
3ـ الشكل السمعي.
تقود الثلاثة أشكال إلي صياغة المفاهيم لكي يدركها الجميع بغض النظر عن مستوي الإدراك أو أي إختلافات أخري للمتلقين، لأن هذه الأشكال نابعة من خبرة البشر الحياتية.
الأساسية التي تجعل الصورة بأشكالها الثلاثة هي الناقل المناسب للمفاهيم الصعبة هي الآتي:
(أ)ـ الأسباب الخاصة بالصورة البصرية:
+ الشكل الذي يرتبط بمناظر عملية مادية.
+ اللون الذي يقدم الجذب والحيوية.
+ التركبية التي تقدم تعبيرها الخاص المتناسب مع العنصر المصور.
+ إمكانية المقارنة والتورية والتشبيه والمجاز للإرتفاع من المحسوسات إلي الأمور فوق المحسوسة ، من المنظورات إلي الأمور الذهنية.

(ب)ـ الأسباب الخاصة بالصورة التعبيرية:
+ وصف الأشخاص والأشياء والحالات بعناصر اللغة السائدة في المجتمع اليومي.
+ الحيوية عندما يرتبط القول الشفاهي بمستويات الصوت، وتعبير الوجه وحركات الجسد.
+ الإنجذاب الناتج ليس فقط من سحر الكلمة بل من شخصية المتحدث.
+ تجسيد المفاهيم المجردة وجعلها محسوسة.
      الصورة التعبيرية تهدف من خلال الوسائل والعناصر التعبيرية إلي إعادة خلق للصورة، حيث تتشكل بواسطة المحسوسات كتعبير لغوي لها. أي صورة لا تتشكل تمامًا لكي تصير فكرة أو مفهوم معلن بدون الإستناد علي الخبرات التي تُقدَّم للجسد والنفس. لذلك دائمًا الصورة التعبيرية وتعلَّن دائمًا بالخبرات الحسية للفرد.

(ج)ـ الأسباب الخاصة بالصورة السمعية:
+ تجانس الأصوات كمؤثرات تعبيرية نسبية.
+ النوعية (تركيب ـ بساطة ـ سهولة) التي تعبر عن أحاسيس متماثلة: (مت16:21) " من أفواه الأطفال والُرضع هيأت سُبحًا"


الجمعة، 9 سبتمبر 2011

خطية المولود أعمى


خطية المولود أعمي
                                                         د. جورج عوض إبراهيم
   نسمع في نص إنجيل يوحنا الخاص بمعجزة شفاء المولود أعمي سؤال التلاميذ للرب :
   " يا معلم مَنْ أخطأ هذا أم أبواه حتي وُلدِ أعمي " يو 9 : 2 كيف إعتبر التلاميذ أن الأعمي يستطيع أن يخطئ قبل ولادته ؟ وكيف نفسر إجابة المسيح بأن " لا هذا أخطأ ولا أبواه لكن لتظهر أعمال الله فيه " يو 9 : 3 ؟
   ينبغي علينا لكي ندرك مفهوم سؤال التلاميذ أن نعرف الخلفيات التعليمية لهذا السؤال. إن سؤال التلاميذ : " يا معلم مَنْ أخطأ هذا أم أبواه حتي وُلدِ أعمي " يو 9 : 2 ؟ هو سؤال عادي ومتوقع بالنسبة لطريقة التفكير اليهودية, تلك الطريقة التي بمقتضاها كل شيء يُقيّم ويُفهّم بإرتباطه بالناموس الموسوي. الخطية ـ بالنسبة لليهودي ـ هي مخالفة الوصية الناموسية. وهذه الخطية تجلب للمخالف ـ قياساً بمدي حجمها وإتساعها ـ غضب الله وعقابه. إذن التلاميذ وضعوا في حسابهم ـ كأمر مسلم به ـ أن الأعمي أو أبواه قد خالفوا الناموس, وبالتالي أدركوا هذا العمي علي أنه بمثابة عقاب الله بسبب هذه المخالفة. فالتلاميذ ألقوا مسؤلية ما يعاني منه المولود أعمي للمولود أعمي نفسه علي أساس الفكر اليهودي بأن الجنين يمكن أن يخطئ وهو موجود في بطن أمه. كمثال يتعلق بهذا الأمر ما ذُكِر عن عيسو في النصوص الرابونية, بأنه حاول وهو جنين أن يؤذي أخوه التوءم يعقوب. كذلك أيضاً ينسب التلاميذ لأبوي المولود أعمي المسئولية حيث أنه في العهد القديم نجد الأعتقاد بأن عقاب الله يُمكن أن يُنقل من الآباء إلي الأبناء ( حز 20 : 5 : " أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء الجيل الثالث والرابع من مبغضي " [ راجع أيضاً عدد 14 : 18. تث 5 : 9. مز 108: 14. أش 65 : 6 ـ 7 ]. علي الجانب الآخر, فإن حياة الإنسان ـ بحسب العهد القديم ـ ترتبط جوهرياً بقدرة هذا الإنسان علي الرؤية. فالنور يمثل جوهر الحياة. كون أنك لا تري النور يعني أنك ميت, بينما أن تمنح النور يعني أنك مُنحت الحياة. بالتالي, المولود أعمي كان محكوم عليه بأن يعيش حالة الموت المستمرة, طالما يحيا محروماً منذ ولادته من الصلاح الجوهري للحياة, أي النور.
   هذا الإنسان المولود أعمي لم يواجه فقط نتائج عماة بل في نفس الوقت عاني من الإحتقار الديني والعُزلة الإجتماعية, لأنه في نظر الجميع هو خاطيء ويحمل فوقه ـ بوضوح ـ علامات الغضب الإلهي والعقاب ولعنة الهجران الإلهي. لأجل هذا قال له الفريسيون : " في الخطايا وُلدت أنت بجملتك وأنت تُعلمنا. فأخرجوه خارجاً " يو 9 : 34 حالة الأعمي كانت صعبة جداً من واقع أنه ليس لديه أي رجاء للشفاء, إذ لم يسجل في العهد القديم حالات شفاء لأعمي منذ الولادة. لأجل هذا يقول هذا الأعمي بعد معجزة الشفاء للمحققين من الفريسيين : " منذ الدهر لم يُسمع أن أحداً فتّح عيني مولود أعمي "   ( يو 9 : 32 ). علي النقيض كان موقف مريض بركة جسدا, الذي كان يأمل في أن يأتي أحد لكي يلقيه في البركة عند تحريك المياه ( أنظر يو 5 : 7 ), بينما كان الأعمي لا ينتظر إلا الموت الذي سوف يجده علي هذه الحالة من العمي.
   علي الجانب الآخر, أظهر سؤال التلاميذ أنهم أيضاً مصابون بعمي روحي. مناداة الرب بالمعلم أي الرابي يا معلم, أي بلقب محترم لمعلمي الناموس, يظهر أن التلاميذ لم يدركوا بعد أن معلمهم هو هذا الاله ـ الكلمة المتجسد, الذي هو " النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتياً إلي العالم " يو 1 : 9. لقد ظلّ التلاميذ عميان أمام سر شخص وعمل الرب المحي. السؤال أظهر عماهم الروحي بوضوح, أيضاً لم يدركوا الأبعاد الحقيقية للخطية والسقوط, لقد واجهوا الخطية ـ كحالة معينة. وإعتبروا نتائجها الوخيمة بأنها نتائج حاسمة وجذرية ولا يمكن تغييرها, إذ لم يتطلعوا لشفائه بواسطة يسوع. قد يكون سؤال التلاميذ نظرياً ـ شيق لاهوتياً, إلا أنه لا يلمس جوهر الأمور. لأنه لم يتركوا ولو هامش صغير للتدخل الإلهي.
   الجزء الأول من إجابة يسوع : " لا هذا أخطأ ولا أبواه " أزال التساؤلات. ولكي ندرك جيداً أجابة يسوع ينبغي أن نفهمها خارج المعطيات اليهودية وتحت نور تعاليم العهد الجديد حيث الخطية لا تنحصر في مخالفة محدده للناموس. فالخطية هي ظُلمة يعيش فيها العالم ( أنظر يو 3 : 19 ), هي حالة الموت التي تسود علي الناس بلا إستثناء من بداية سقوط الآباء الأولين, هذه الحالة شوهت الإنسان المخلوق بحسب صورة الله. هكذا عمي إنسان معين منذ الولادة مثله مثل الإنسان الممسوس, أو الأبرص, أو المقعد, أو أي مرض جسدي ونفسي, إشارة إلي سيادة الخطية والموت علي الوجود البشري. الرب لم يرفض في إجابته إرتباط الخطية بالمرض, بل رفض فقط النظرة للخطية علي أنها حالة محددة. فالذي تسبب بالعمي للإنسان ليست خطية بعينها بل السقوط وقوة الخطية التي سادت علي كل الجنس البشري.
   الجزء الثاني من إجابة يسوع " لكي تظهر أعمال الله فيه.. " يحتاج إلي إيضاح حيث يبدو من الوهلة الأولي أنه يعني تركيز مفهوم عمي الإنسان في برهان مرئي لقوة الله, وعن حق إذا تسائل أحد قائلاً : هل من الممكن أن يسمح الله بعذاب إنسان فقط لكي يبرهن ـ في لحظة ما ـ قوته ؟ هذه الرؤية بالطبع لا تتجاوب مع الواقع. إن أداة الربط " لكي " لا يجب أن تفسر كأمر نهائي ـ كما يقول ذهبي الفم ـ فالأعمي لم يُولد بهدف أن يُظهر ـ بواسطة شفاءه ـ أعمال الله, بل علي النقيض نتيجة عماه هو ظهور أعمال الله. إن يسوع بإجابته هذه يقدم ذاته كإله حقيقي, إذ يصف عمل شفاء الأعمي كعمل الله.
   وبذلك أراد أن يقّوم هكذا الإنطباع الخاطئ للتلاميذ بأنه مجرد معلم حكيم للناموس. إن معلم الناموس ـ كما نعرفه من الكتابات الرابونية ـ في مثل هذا الموقف, ينشغل بتحليل هذه الحالة لكي يعرف مَنْ هو المسئول عن المرض الجسدي للمولود أعمي. لكن يسوع بكونه الاله الحقيقي وبكونه " نور العالم " الحقيقي والفريد [ أنظر يو 8 : 12 : : 90 :5] يتخطي التشوق النظري للسؤال ويتدخل لكي يمنح النور للأعمي وأيضاً الحياة ذاتها. وفي نفس الوقت يمنح يسوع النور لأعين التلاميذ الروحية لكي يدركوا أنه هو كلمة الله المتجسد, وأن عمله هو عمل الله, بمعني عطية الحياة إلي الناس.
   علي أساس كل ما ذكرناه فإن المولود أعمي يظل رمز للجنس البشري الساقط الذي خضع لسلطان الخطية والموت, والذي لا يستطيع بمفرده أن يُغير هذه السيادة, والذي ليس لديه ـ أيضاً ـ أي معرفة بوجود إمكانية لحياة تختلف تماماً نوعياً والتي لا تحمله مسئولية شخصية علي ما هو عليه.
   المسيح هو بمفرده نور العالم والذي يمكن أن يُبطِل الخطية, وأن يُغير نتائجها الثقيلة علي الإنسان ويفديه ويحرره مِن العمي الروحي والموت مانحاً إياه النور والحياة. وينبغي علي الإنسان أن يدرك قيمة هذه العطية ويقبلها.

الخميس، 1 سبتمبر 2011

أعضاء الكنيسة الأحياء والمرضي


أعضاء الكنيسة الأحياء والمرضي
عظات للمعمدين الجدد
العظة السابعة
الأب ايروثيوس فلاخوس – ترجمة د. جورج عوض
1ـ الإبن الأكبر
2ـ أعضاء معافية ومريضة
3ـ ملامح المسيحية الحقيقية
الأب في المثل الذي درسناه له أبنين, الأصغر والأكبر. الأصغر ذهب بعيدًا عن البيت ورجع تائبًا, بينما الأكبر ظَّل في البيت, وحفظ واجباته النمطية, لكن في النهاية إبتعد, لأنه عُثِر من محبته أبيه تجاه الإبن الأصغر العائد.
حين رجع أخية الأصغر, غضب الإبن الأكبر ولم يرد أن يدخل : "وَكَانَ ابْنُهُ الأَكْبَرُ فِي الْحَقْلِ. فَلَمَّا جَاءَ وَقَرُبَ مِنَ الْبَيْتِ، سَمِعَ صَوْتَ آلاَتِ طَرَبٍ وَرَقْصًا. فَدَعَا وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَسَأَلَهُ: مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ: أَخُوكَ جَاءَ فَذَبَحَ أَبُوكَ الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ، لأَنَّهُ قَبِلَهُ سَالِمًا. فَغَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُلَ. فَخَرَجَ أَبُوهُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ. فَأَجَابَ وَقَالَ لأَبِيهِ: هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هذَا عَدَدُهَا، وَقَطُّ لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصِيَّتَكَ، وَجَدْيًا لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ لأَفْرَحَ مَعَ أَصْدِقَائِي. وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ ابْنُكَ هذَا الَّذِي أَكَلَ مَعِيشَتَكَ مَعَ الزَّوَانِي، ذَبَحْتَ لَهُ الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ! فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ. وَلكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ، لأَنَّ أَخَاكَ هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالُا فَوُجِدَ»" (لو25:15ـ32).
تشخيص الإبن الأكبر هو واضح لأولئك الذين يبقون نمطيًا في الكنيسة. الذي يحلل الحالة النفسية للإبن الأكبر يلاحظ أن لديه أحساس بأنه يحفظ وصايا أبيه ، هو في الواقع واحد قانوني. وبالطبع لم يكن يحفظ الناموس بطريقة صحيحة, لأن حفظ الناموس بدون المحبة لا يصنع إبن حقيقي لله. ثم شعر أنه له الحق للبقاء في بيت أبيه. لديه مطالب تأتي من حفظه الأمين لوصاياه. أيضًا ليس لديه محبة, وشوق ورحمة. هو عديم الإحساس برجوع أخيه المعذب. وغياب المحبة هذه عبَّر عنها بهجوم شديد. ليس هو أخي, بل "هذا الإبن" هو ضال, "الذي أكل معشيته مع الزواني". بالتالي, الساعة التي أظهر فيها الإبن الأصغر توبة وفرح بالإحتفال في البيت, أظهر الإبن الأكبر مرضه الروحي وظَّل خارج البيت.
يوجد في الكنيسة أعضاء معافية صحيحة وأعضاء مريضة، بالحري أود أن نري مرض أعضاء الكنيسة الروحي.
بسر المعمودية والمسحة نصير أعضاء الكنيسة, أعضاء جسد المسيح. يسبق المعمودية فترة نسكية التي هي فترة الوعظ ويتبعها حياة نسكية الذي هو حفظ وصايا المسيح. المعمودية قي الواقع هي بداية الحياة الجديدة في المسيح, ليست هي النهاية. قال المسيح لتلاميذه: " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» (مت19:28ـ20). كان يجب علي التلاميذ أن يصنعوا أمرين الأول أن يعمدوا الناس وثم بعد ذلك يعلموهم أن يحفظوا وصايا المسيح. بالتالي, لا يكفي المعمودية, بل أيضًا حفظ وصايا المسيح.
لكي يحصل أحد علي خلاصة يجب أن يكون مُعمَّد وعنده يقين الإيمان كما يقول القديس سمعان اللاهوتي الجديد. هذا يعني أنه يجب أن يُعمَّد, لأن: " مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ" (مر16:16), وبعد ذلك يجب أن يحيا وفق رسالة المسيحي الأرثوذكسي. هذا نراه في كل منظومة بشرية. لا ينبغي ببساطة أن يُسجَّل أحد في نقابة أو جماعة, بل يجب أن يحفظ كل الواجبات التي تخص أعضاء هذه المنظومة.
بالتأكيد, نعمة المعمودية لا تُفقد إطلاقًا, بل تظَّل داخل قلب الإنسان. لكن, كما يُعَلِم الآباء القديسون, بالخطايا الذي يرتكبها الإنسان, نغطي هذه النعمة بالشهوات. هكذا, في هذه الحالة النعمة ممكنة لعضو الكنيسة وليست في حالة تفعيل. أي لديه إمكانية أن يصل إلي حياة الشركة مع الله لكن هو ذاته بإختيارة الحر لا يفعَّل هذة الامكانية . إنه يشبه ماكينة لديها إمكانية أن تنتج عمل لكن لم تتصل بالطاقة الكهربائية. يشبه تلفزيون مغلق, بينما لديه كل الإمكانيات أن يعمل ويُظهِر صورة.
بهذه الأهمية في الكتاب المقدس ونصوص الآباء القديسين يصير حديث عن أعضاء مريضة وأعضاء ميته في الكنيسة . فالكنيسة هي حياة طالما هي جسد المسيح الذي هو نور وحياة للبشر. مَنْ لا يحيا حقًا في الكنيسة ليست له حياة وبالتالي هو ميت. لديه بالطبع حياة بيولوجية لكن ليس لديه نعمة الله فيه.
سوف نري كيف أن عضو في الكنيسة يشبه الإبن الأكبر في مثل الإبن الضال ولكي نراه من الأفضل ان نعرف كيف يكون المرء عضو حي في الكنيسة.
عضو الكنيسة الحقيقي والمسيحي الحقيقي هو ذاك الذي تتوفر له الملامح الآتية:
أولاً: يظل في الكنيسة طالما لا يأتي إليها بإلحاد وهرطقة ولا يشارك في إجتماعات الهراطقة هذا يعني إنه يقبل قبولاً مطلقًا الإيمان الذي يعترف بقانون الإيمان, يشترك في أسرار الكنيسة, يتقدس منها ويمارس في حياته الشخصية وصايا الله. يشعر بأنه يظل في الكنيسة لكي يخلُّص وليس لكي يُخلصَّها, لأن الكنيسة لا تحتاج للخلاص.
ثانيًا: يشعر بأنه إبن لله, أي له أب, ليس هو يتيم. أبيه العظيم هو الله. لكن أيضًا الإكليريكيون هم آباء, طالما هم في مثال ومكان حضور المسيح. بالتالي, عضو الكنيسة الحقيقي يُطيع الأساقفة, والإكليروس, ولديه حياته الروحية. وبالتأكيد, يقبل تعليم الآباء القديسين ويحاول أن يتمثل بحياتهم, أي ممارستهم وشهادتهم.
ثالثًا: يشعر أنه ينتمي للعائلة وبالتالي لديه إخوة روحيين ليس هو بمفرده في الكنيسة. هذا يعني أولاً أنه يحب إخوته. لا يحكم عليهم أو يدينهم بأخطائهم حتى لو إرتكبوها. يجب أن يكون صبور ومحتمل لضعفاتهم. ثم يعلن محبته بطرق متنوعة. يتقاسم الألم معهم وكذلك الفرح. فرح الآخرين هو فرحه, وحزنهم هو حزنه, المحبة شركة محبة, الإيمان وحدة الإيمان. الكل يجب أن يشعر بأنه مشترك ، يجب أن يشعر بأن الكنيسة هي العائلة, كما بالضبط شعر المسيحيون الأوائل, بحسب وصف سفر الأعمال (أع41:2ـ47). لو حاول أن يحفظ ناموس الله, وليست لديه محبة, لن يكون مسيحي حقيقي, إنه عضو مريض للكنيسة.
رابعًا: في حالة الخطية يتبع تربية شفائية. الإنسان هو متغير هذا يعني أنه يتغير, يتعرض للجرح في أثناء حياته. بالتالي هو يكون لكي يخطئ. الكتاب المقدس يقول: "مَنْ يُخْرِجُ الطَّاهِرَ مِنَ النَّجِسِ؟ لاَ أَحَدٌ! إِنْ كَانَتْ أَيَّامُهُ مَحْدُودَةً، وَعَدَدُ أَشْهُرِهِ عِنْدَكَ، وَقَدْ عَيَّنْتَ أَجَلَهُ فَلاَ يَتَجَاوَزُهُ" (ايوب4:14ـ5). يوحنا الإنجيلي أيضًا يقول: "إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا" (1يو8:1).
الخطايا ليست ذنوب ورفض بسيط للناموس, بل بالحري قبل كل شيء هي جروح وأمراض الإنسان الخاطئ هو مريض روحيًا. بالتالي, لمواجهة الخطية يجب أن يُوضَّع في إطار شفائي وطبي. الكاهن هو طبيب يمارس وظيفته في إسم الطبيب الأعظم, الذي هو المسيح. هو يطهر ويغسل الجروح, يعمل تدخلات جراحية, لو الأمر يستدعي ذلك, وعامةً يشفي الجروح في هذا الإطار, يجب أن نري التوبة والإعتراف ووصايا الأب الروحي, والتي تُدعَّي التأنيبات أو التوبيخات. يجب أن نتوب, أي نشعر بالخطأ والمرض, أن نريد الشفاء, أن نلجأ إلي المعالج (الشافي) لكي نعترف بمرضنا, لكي نكشف كل المخفيات والمراحل الخفية للمرض وبعد ذلك نتبع الإشارات الشفائية للطبيب الروحي بشجاعة وغيرة حسنة. الكنيسة لديها سر التوبة والإعتراف.
عندما يخطئ أحد, في الكنيسة الأولي, عندما يمرض مرضًا خطيرًا ينضم مرة أخري لصف الموعوظين. لأجل هذا النجسين يُحسبوا من فئة الموعوظين والممسوسين والخطاة التائبين. كل هؤلاء يتبعون تربية شفائية مناسبة. بالتأكيد, المسيحيون الذين أخطأوا والتائبون الذين بالفعل قد تعمدوا, لا يتعمدوا مرة أخري, من جديد, بل كان يجب أن يمروا في مرحلة التوبة ويشعروا في قلوبهم بأن نعمة الله تعمل ثانيةً.
عندما يهجر المسيحي المعمد الكنيسة ويسقط في هرطقات, عندئذٍ كان يجب عليه أن يمر في إجراء معين لكي ينضم ثانيةً للكنيسة. الحاجة إلي التوبة, تسجيل إقرار فيه يستنكر هذه الهرطقة التي وقع فيها, والمسحة.
بالتالي ندرك من كل هذا أنه لا يكفي فقط المعمودية, بل الحاجة أن يحيا المرء وفق وصايا الله لكي يكون عضو حقيقي للكنيسة. ولو مَرَضَ وهذا أمر وارد, عندئذٍ يوجد منهج خاص لكي يجد مرة أخري مسيحيته معافية.
أسئلة وأجوابة
1ـ مَنْ يُوصف بأنه ناموسي؟
الذي يحفظ خارجيًا الناموس وأيضًا بدون أن تكون لديه محبة.
2ـ هل يكفي فقط المعمودية للخلاص؟
الحاجة أيضًا إلي النسك بعد المعمودية. المعمدون والمؤمنون إيمانًا ثابتًا يخلصُون. الحاجة إلي معمودية وحفظ الوصايا: "عمدوهم وعلموهم حفظ الوصايا", هكذا قال المسيح.
3ـ هل تُفقد النعمة التي نالها المرء بعد المعمودية عندما يرتكب خطية؟
لا تُفقَّد بل تتغطي بالشهوات.
4ـ ما هو مفهوم تعبيرات مثل "إمكانية" و "تفعيل" لعضو الكنيسة؟
الإمكانية «δυνὰμει» تعلن الذين تعمدوا ولديهم إمكانية أن يصلوا إلي الاتحاد بالله . التفعيل «ενεργεία» تعلن الذين فعَّلوا بحريتهم هذه الإمكانية .
5ـ ما هي صفات أعضاء الكنيسة الحية؟
يظلون في الكنيسة, أي لا يشتركون في إجتماعات هرطوقية, يشعرون أن لهم أب, الله وآباء من الإكليروس, ويشعرون أن لهم أخوة يُظهرون لهم محبة وعندما يخطئوا يرجعون بالتوبة.
6ـ هل الخطية هي مرض. ماذا نفعل لكي نُشفي؟
نشعر بالمرض, نريد الشفاء, نلجأ إلي المشفي الروحي ونقبل الأدوية ووصاياه.
7ـ كيف يشفون المرضي روحيًا في الكنيسة الأولي؟
يُحسبوا من ضمن صف الموعوظين حيث يقبلوا التربية الشفائية بدون أن يتعمدوا من جديد. التوبة تعتبر مثل المعمودية التي تُدعَّي معمودية ثانية, معمودية التوبة.