حوار مع المطران يوحنا زيزيولاس
Ορθόδοξος Τύπος» 4/8/200" ترجمة د.جورج عوض ابراهيم سمعت البعض يتهمون اللاهوتيين المعاصريين ، بأنهم يقدمون الآباء كفلاسفة وجوديين . هل هذا الاتهام هو حقيقي ؟
هذا السؤال يضع امامنا مسألة علاقة اللاهوت الآبائي بالفلسفة . من جهة هذا الموضوع ، نقول بإختصار الآتي :
أ- آباء الكنيسة ، لكي يعبروا بكلمات بشرية مخلوقة عن خبرة التأله ، إستخدموا مصطلحات فلسفية كثيرة ومناهج من الفلسفة القديمة وبالأخص الفلسفة اليونانية . هكذا ، في أعمال الآباء المختلفة سوف نجد مصطلحات فلسفية كثيرة ( أساليب إيجابية وسلبية ، أفلاطونية ، رواقية ، ...الخ ) بطريقة مماثلة ، الآباء . بعض المرات يستخدموا المنهج التاريخي اللغوي ليفسروا الكتاب المقدس ، بينما آخرون مرات أخرى يستخدموا المنهج الرمزي او التيبولوجي .لكن بالرغم من أعتمادهم الظاهري على تيارات عصرهم الفلسفية ، إلا أنهم عرفوا ، ان خبرة التأله، كشركة الانسان المخلوق في الوجود غير المخلوق وغير المبتدأ للثالوث القدوس ، يتخطى كثيراً اي واقع مخلوق ، وبالتالي لا يخضع لأي مصطلح ومنهج فلسفي ، وكذلك لأي دراسة وتحليل علمي ، ولا لأي تفسير منطقي و ضرورة منطقية. هكذا الآباء ، وهم لديهم ضمير واضح للحقيقة السامية ، استخدموا إنتقائياً تلك المصطلحات الفلسفية ، وتلك المناهج الفلسفية ، لكي يعبروا عن تعليم الكنيسة ، لكن أبداً لم يخضعوا هم أنفسهم لأي مصطلحات ومناهج فلسفية . ببساطة ، بالنسبة لآباء الكنيسة أي مصطلح ومنهج فلسفي صار أداة مناسبة بواسطته عُبر عن التعليم الارثوذوكسي بدون أبدا ان يصيروا آباء الكنيسة ذاتهم أفلاطونيون ، أو أتباع أرسطو ، أو رواقيون ، ...الخ .
ب- كثيرون من اللاهوتيين المعاصرين – خاصةً الأكادميين – يحاولون ، ان ينسخوا تعليم الآباء السامي ويربطون تعليم الكنيسة بتيارات مختلفة فلسفية وأفكار عصرنا العلمية ( على سبيل المثال يحاول البعض ان يربط التعليم الآبائي بالوجودية ) . ويزعمون بأنهم يستمرون في عمل آباء الكنيسة ، متمشين مع إحتياجات عصرنا والمسائل الميتافيزيقية للأنسان المعاصر ، لكن بالرغم من النيات الحسنة التي لا يوجد أدنى شك فيها ، المحاولات هي – بحسب رأيي – خطيرة ، عندما يشرع اللاهوتي في المضي في هذا العمل بدون ان يكون في حالة التأله الروحية ( عندئذٍ إجبارياً يتبع مسيرة التفكير العقلي والفلسفي المجرد ) ، وليس لديه وعي واضح مطلق لحقيقة ان خبرة التأله تفوق أي واقع مخلوق ، وبالتالي لا تخضع لأي ضرورة عقلية ، ولأي مصطلح ومنهج فلسفي . لأجل هذة الأسباب نحن متحفظون تجاه محاولة الذين يشرعون في ربط الحركة الوجودية الفلسفية بتعليم الكنيسة ، لأنه يوجد دائماً خطر الأخطاء اللاهوتية التي تمثل النهاية الطبيعية لإنعزالنا وإنحصارنا في مناهج ومصطلحات فلسفية ، وكذلك لأن الأنشغال بهذة الانواع من الأعمال هو عمل الآباء ، طالما فقط القديسون يستطيعون ان يتحركوا بأمان لاهوتي داخل تيارات عصرهم الفلسفية . الحالة الكلاسيكية لمثل هذا الانسان ، في أيامنا ، هو المطوب الاب صفرونيوس زاخاروف إنسان – وفق نموذج الآباء – يربط بطريقة ممتازة القداسة بالتربية الفلسفية لعصرنا .
وفق ما قلناه ، إن محاولة الذين يشرعون في ربط تعليم الكنيسة بحركة الوجودية الفلسفية يجب ان تصير دائماً بتحفظ وحرص شديد . لأنه دائماً يوجد خطر الخطأ الذي يتبعه تغير في التعليم والعُرف الكنسي . الأمور ستكون أفضل لو أعترفنا نحن المدعون لاهوتيون بتواضع بعدم كفاية ومحدودية قدراتنا ونتجنب الإنشغال بمسائل تفوق قدراتنا التفكرية ، وفي التحليل النهائي ولا تخدم خلاص أخوتنا ، بحسب القول الإنجيلي : " لاَ يَنْفَعُ شَيْئاً بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ " مت24:27