موت روبين ويليامز ورسالة الحياة
د.جورج عوض إبراهيم
روبين
ويليامز هو ممثل أمريكي من مواليد 21 يوليو 1951، عثرت عليه الشرطة الأمريكية صباح
الثلاثاء 12 أغسطس متوفياً في منزله في ولاية كاليفورنيا وأعلنت الشرطة الاشتباه
في وفاته منتحراً. بمناسبة هذا الخبر نريد أن نتحدث عن الحياة التي أنعم بها الله
على البشر.
يجب
أن نتخذ موقفًا صحيحًا تجاه الكائن البشري بل وتجاه خليقة الله بشكل عام. عندئذٍ نستطيع
أن نتصرف تجاه أنفسنا نحن خلائق الله بطريقة تليق بمكانتنا في هذه الحياة، فالإنسان،
إن جاز التعبير، هو منتج إلهي.
أساسيات موقفنا من الحياة تتضمن بعض المبادئ التي
يجب أن نؤمن بها، وهي:
+ إن حياة الإنسان والكون هما عطية من الله وليسا
من نتاج الإنسان. إن وجود الإنسان وكينونته ليست من ذاته بل من الله.
+ الإنسان ليس هو خالق بل هو مشارك في خلق الحياة
البشرية.
+ الإنسان ليس هو مالك لحياته بل بالحري مدبر لحياته.
هذا يعني أن حياة الإنسان ليست عشوائية بل الإنسان مسئول عن تدبير حياته.
+ الإنسان مكوَّن من نفس وجسد ولا يمكن الأثنان
أن ينفصلا. فحياة الإنسان هي حياة واحدة لها بُعدين، بُعد نفسي وبُعد جسدي، أي روحي
ومادي.
+ صحة الإنسان الروحية تقود للصحة الجسدية والصحة الروحية تفترض علاقة صحيحة
وحية مع الخالق ومع الأخوة في الإنسانية ومع البيئة المحيطة. الحياة البشرية لها قيمة،
وتستمد قيمتها من خالقها. وهذه الحياة هي مقدسة منذ الحمل حتى الموت. والملمح المقدس
للحياة البشرية يعني الكرامة البشرية والتي يجب أن نقف أمامها بكل تقدير واحترام.
الإنسان ليس هو مسئول فقط عن حياته لكن أيضًا عن
حياة الآخرين. لذلك الإنسان ـ بالنسبة لسر الحياة ـ لا يمكن أن
يأخذ دور الله وينتزع حياته بنفسه أو حياة الآخرين. نحن نحتاج إلى الانضباط والوقار
والتواضع أمام المنظومة البشرية الحية.
الحياة البيولوجية في ذاتها ليست لها قيمة. فالإبقاء
على الحياة ليس هو هدف في حد ذاته. فالإنسان ليس مثل الحيوان. هناك بُعد روحي ـ كما
سبق أن أوضحنا ـ مَنْ يحيا حياة تليق به كمخلوق إلهي لا يخاف الموت الجسدي، وفي
نفس الوقت لا يسعى إليه لكي يتخلص من حياته لأنه يستمتع بهذه الحياة في بُعدها
الروحي والجسدي معاً إلى أن يجتاز الموت الجسدي بشكل طبيعي لأنه طريق الأرض كلها.
أما إصابة الإنسان بمرض الاكتئاب
أياً كانت الأسباب حتى لو هو مسئول عنها بشكل ما، لأن الرجاء الثابت في عناية الله
لنا يدعم حياتنا من القلق والاضطراب، يؤدي إلى استعجال الموت واستحضاره بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة.
السؤال الذي دائما ننشغل به هو: لماذا لا تصلي
الكنيسة على المنتحر؟ الإجابة: هذا إجراء كنسي من خلاله تعطي الكنيسة رسالة للبشر
أن لا يسعى أحد لإنهاء حياته التي هي عطية من الله يجب صونها والحفاظ عليها. على
الجانب الآخر، هذا الإجراء يكرز برسالة الرجاء والتفاؤل بأنه مهما كانت الضغوط
والمشاكل التي يمر بها الإنسان يجب أن نتمسك بالحياة أي بالرجاء لأننا نستطيع
بالمعونة الإلهية أن نتخطى أي إحباط أو فشل في حياتنا. الكنيسة تنحاز للحياة وليس
للموت، رسالتها رسالة حياة. بالتالي هذ الإجراء هو تربوي أكثر منه حكم إدانة
للإنسان المنتحر: " مَنْ أنت يا مَنْ تدين عبد غيرك هو لمولاه ....".
والكنيسة لا تنفذ هذا الإجراء بطريقة انتقامية بدليل أنه لو كانت هناك فرصة
للإنسان المنتحر بعد إجراء عملية انتحاره تفترض الكنيسة بدافع محبتها أنه ربما قد
تاب حتى لو كانت هذه الفرصة قصيرة وذلك حتى تجيز الصلاة لأجله. التوجه الكنيسي ليس
به أي ملمح إقصائي أو انتقامي، لذا للأسف مشكلتنا نحن هي أننا لا نرى أمومة الكنيسة لنا ونتعامل معها مرات كثيرة على
أنها مجرد مؤسسة عقابية في يد الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق