الأحد، 5 أبريل 2015

مفهوم التفسير وفقاً لبداية الطرح وختامه في صلوات الأسبوع الكبير

مفهوم التفسير وفقاً لبداية الطرح وختامه في صلوات الأسبوع الكبير

                                      د.جورج عوض إبراهيم
بداية الطرح في ساعات النهار:
بإسم الثالوث المساوي الآب والابن والروح القدس
أيها النور الحقيقي الذي يضىء لكل إنسان الآتي إلى العالم
بداية الطرح في ساعات الليل:
باسم الثالوث المساوي الآب والابن والروح القدس
السلام لك يا مريم الحمامة الحسنة التي ولدت لنا الله الكلمة
ختام الطرح:
فلنمجده ونرفع إسمه. لأنه صنع معنا رحمة. كعظيم رحمته
 وفقاً لمقدمة الطرح، إن تفسير الكتاب لابد أن يكون عمل روحي يشرع في معرفة الأسرار الإلهية. إن الكنيسة هنا تطلب ـ كمبدأ للتفسير الكتابي ـ الإيمان المستقيم، أولاً وبالحري، بالثالوث القدوس. لأنه هو ملء الصالحات، وإليه تتجه النفس، إن الإيمان به هو "عقيدة مستقيمة" و"قانون التقوى". الإيمان بالثالوث أعلنه بالتأكيد الكتاب المقدس، وصيّغ جهرًا في المجامع المسكونية وفي التقليد الليتورجى للكنيسة. بهذا المفهوم فإن هذا الإيمان يمثل مرشد تفسيري ومبدأ أول للرؤية الروحية.
 يوجد كذلك بُعد هام للتفسير الكتابي وهو الاشتراك في الحياة  الفُضلى بواسطة الكلمة النور الإلهي، الكلمة المتجسد الذي وُلِدَ من العذراء الحمامة الحسنة. هذه الحياة قد مارسها كاتبي الكتاب المقدس، لذا الذي يشترك في هذه الحياة يستطيع أن يدرك المفاهيم العميقة لأقوالهم. فتطهير الذهن مبدأ أساسي للتفسير لكى يكتشف المؤمن قوة الروح وعمله ليشرع في حياة روحية سامية. لذا يقول القديس أثناسيوس في كتابه تجسد الكلمة (فصل 57): [ إن دراسة الكتب المقدسة ومعرفتها معرفة حقيقية تتطلبان حياة صالحة، ونفسًا طاهرة وحياة الفضيلة التي بالمسيح. وذلك لكى يستطيع الذهن ـ باسترشاده بها ـ أن يصل إلى ما يتمناه وأن يدرك بقدر استطاعة الطبيعة البشرية ما يختص بالله الكلمة. فبدون الذهن النقي، والتمثل بحياة القديسين، لا يستطيع الإنسان أن يفهم أقوال القديسين ][1].
هذه الأسس والمبادئ الكنسية للتفسير الكتابي ـ عند الآباء ـ ليست تقاليد كنسية تُفرض من الخارج لتضمن التفسير الصحيح للكتاب ولكن هي مبادئ تخدم الحياة الروحية للمؤمن. الحديث هنا عن خبرة سرائرية ومعاشة للكتاب المقدس لا ترتبط بأفكار روحية مجردة بل تستند على معايشة إعلان الثالوث القدوس في المسيح على أساس أن المسيح يمنح البشر النور غير المخلوق الذي يُدعىَّ إليه كل واحد لكي يتحد به شخصيًا بنعمة وقوة الروح القدس[2]. وختام الطرح يدعونا إلى تمجيد المسيح لأنه صنع معنا رحمة كعظيم رحمته. هنا نجد التفسير الكنسي ليس هو منحصر في إجراءات نظرية متعلقة باللغة والنص ومصادره بالدرجة الأولى بل أولا بالإيمان الخريستولوجي الصحيح أي الإيمان بالكلمة المتجسد والذي هو غير منفصل عن الإيمان بالثالوث ثم يأتي بعد ذلك الفحص اللغوي للنص ومصادره والشرح التاريخي شرط أن يخدم حياة قارئ النص الروحية وشركته مع الله بواسطة الكلمة المتجسد، النور الإلهي الذي ينير الذهن ليدرك ما يقوله الروح للكنائس.




[1]  القديس أثناسيوس، تجسد الكلمة، ترجمه عن اليونانية وتعليقات د. جوزيف موريس فلتس، إصدار المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، طبعة ثانية أبريل 2003، ص167.
[2]  Γ. Μαντζαρίντης, Μθεξις θεο, θεσσαλονίκη 1979, σελ. 104.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق