التصويت لمَنْ ؟؟؟
د جورج عوض
تنتابنا ، في هذه الأيام ، الحيرة والإرتباك بشأن
التصويت في إنتخابات الرئاسة . والسؤال الذي يطرحه الكثيرون : مَنْ هو المرشح الذي
نختاره ؟
كان النظام السابق يقوم بالنيابة عنا في عملية
التصويت ويريحنا من عناء الإختيار . أما الآن ونحن نمارس حرية الإختيار نجد أنفسنا
في حيره وتخبط باحثين عن أي أحد أو أي مؤسسة تُملي علينا المرشح الذي علينا ان
نختاره . الأمر الذي يشير إلى محاولاتنا للهروب
من الحرية وعدم تحمل مسئولية الإختيار مثل أطفال الحضانة الذين يصرخون بكاءً من
ترك والديهم لهم بعيداً عن أعينهم . ونحن فعلاً في كي جي 1 ديمقراطية نحاول
ممارستها لكننا نريد إلقاء مسئولية ممارستها على الغير متناسين ان الذي يريد تعلم
العوم لا بد ان يمارس العوم هو نفسه وليس غيره . لو أردت أن تمارس الديمقراطية
عليك ان تتحمل مسئولية الحرية ولا تخاف منها ، علينا ان ندرس ونسترشد بالآخرين
ونفكر جيداً ثم نختار بأنفسنا بلا أدنى تردد مَنْ نراه جديراً بهذه المرحلة . لكن
دعنا نتذكر بعض الأمور الأساسية منعاً للنسيان أو التناسي :
أولاً : قامت في مصر ثورة من أنبل الثورات في
العالم ، ثورة على الظلم والإستبداد ، على ثقافة وقيم الأستهلاك ، على ثقافة
الإنحراف الإجتماعي والأقتصادي والأخلاقي . لذلك كان شعار الثورة هو "
التغيير والحرية والعدالة الإجتماعية " . وهذا لا يتحقق إلا بالتغيير السياسي
الشامل . وقد نجحت الثورة في الإطاحة بالنظام السابق الرئاسي .
ثانياً : ظنت الأغلبية أن الثورة سوف تجني ثمارها
المرجوة فور الإطاحة بالرأس متناسية أن
التغيير المنشود ليس تغيير في الوجوه بل تغيير في عمق تفكيرنا وأولوياتنا
وإختياراتنا ، لذا ما أُ نجز كان قليلاً :
الإستفتاء على إعلان دستوري وإنتخابات
برلمانية وها نحن على وشك الدخول في التصويت على إنتخابات الرئاسة ، وتخلل هذه
الإنجازات صراعات مريرة وشد وجذب وكر وفر بين والقوى والأحزاب وبين المؤسسة التي تدير البلاد وسقط مئات
الشهداء من أجل أن تستمر الثورة في مسيرتها ، وعانى شعبنا الأمرين من تدني مستوى
المعيشة وعدم توفر الأمان وأنتشار البلطجة والسلب والنهب والتعدي على المستشفيات
والهيئات الحكومية وإنقطاع وسائل
المواصلات ونقص الغاز والبنزين وتصرفات
التيار الديني وإنشغالاته البعيدة عن القضايا الأساسية وتوظيف الدين لخدمة السياسة
. والخلاصة هي انتشار الفوضى التي وعدنا
بها الرئيس المخلوع .
ثالثاً : الخطأ كل الخطأ هو ان نلقي مسئولية ما حدث
لبلادنا بعد الثورة لطرف ثالث مجهول ليس منا ، وبالتالي إختزال كل ما حدث في الطرف
الثالث . المسئولية تقع على جميعنا حين إعتقدنا ان التغيير يجب ان يطال أفراد
النظام السابق ، أو حين أعتقدنا ان مجرد تغيير الوجوه هو إنجاز عظيم يضمن لنا
سلامة الثورة . الثورة يجب ان تغير طريقة
تفكيرنا وحياتنا وسلوكياتنا لتليق بالأنفس الطاهرة التي سفكت دمائها من أجل العدل
والحرية والكرامة الإنسانية.
رابعاً : التطبيق العملي للثورة يجب ان يظهر في
حياتنا وسلوكياتنا اليومية : لللأسف ما زلنا نكسر إشارات المرور ونبني على الأراضي
الزراعية ونعلي بناياتنا بطريقة مخالفه ونعطي دروس خصوصيه بنفس طريقة ما قبل
الثورة ، أيضاً إنتهاز فرصة الضعف الأمني في أعمال الخطف والنهب والبلطجه وغيره من
الأعمال المشينة ، إزداد التكالب على المادة والمصلحة الفردية والأنانية .....الخ
خامساً : يجب ان نعترف ان القوى الثورية لم تستغل
فترة الحوار الذي كان متاح بينها وبين المجلس العسكري لأنها إشتركت في حوارات مع المجلس
بمكابره ثورية حولت الحوار إلى إملاءات غير مقبولة ، والنتيجة كما نرى عُزلة شبه
تامة بينها وبين أصحاب اليد العليا في إدارة شئون الدولة ، وترك الساحة للتيار
الديني ليعقد حوارات مصلحية جنى منها بمفرده معظم ثمار الثورة .
سادساً : يجب الأعتراف أيضاً بأن الأحداث التي مرت
بها البلاد على المستوى الثوري من سقوط شهداء على أيدي مجهولين بلغة القانون ،
وعلى المستوى الأقتصادي من كساد وتدهور ، وعلى المستوى الإجتماعي من غياب الأمن
وانتشار البلطجة وقلة الغاز والبنزين ووسائل المواصلات وحرائق هنا وهناك ، كل هذه
الأحداث أجبرت قطاع من شعبنا أن يتحسر على أيام النظام السابق وفُتح الطريق لأثنين من المحسوبين على النظام السابق
بأن يترشحا إعتماداً على هذا القطاع الذي
كل أمله هو أن ترجع أيام النظام السابق .
سابعاً : أياً كان النظام القادم : رئاسي أو برلماني ، الرئيس القادم لن تكون في
يديه عصا سحريه يصنع بها المعجزات حتى لو كان متديناً ، الخلاص سوف يأتي من تآزر
كل قوى الشعب مع الرئيس ، مضى زمن الرئيس الفرد والزعيم والقائد والمبجل والممسك
بكل الخيوط .
ثامناً : الإجابة على سؤال : التصويت لمَنْ ؟ لا
أستطيع أن أملي عليك مرشح بعينه ، لكن لو أردت ان تستمر الثورة في مسيرتها ، أمامك
طريقين :
الأول : أن تختار مرشح من التيار المدني الثوري
مثل حمدين صباحي
الثاني : أن
تختار مرشح من التيار الديني الثوري مثل د عبد المنعم أبو الفتوح
أما لو كان
حلمك مجرد الرجوع إلى ما قبل الثورة مع تحسن ولو غير جذري ، أمامك طريق واحد هو ان
تختار إما الفريق أحمد شفيق أو عمرو موسى
إذن لا تحتار
وإحسم أنت موقفك ، هل أنت مع إستمرارية
هذه الثورة أم أنت مع الإكتفاء بما أحدثته هذه الثورة ، وتتمنى رجوع مُحّسن لأيام النظام السابق ؟ .
قد يكون هذا
التحليل خاطيء لكن يكفي ان نفكر معا وليكن القرار الذي يتخذه كل واحد منا هو قرار
حُر وشخصي ، " وكُن رجلاً ولا تتبع خُطواتي " كما قال أحد الفلاسفة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق