الأربعاء، 8 فبراير 2012

هل يوجد ما يُسمى تعليم " ما بعد الآباء "؟


هل يوجد ما يُسمى تعليم " ما بعد الآباء "؟ المطران إيروثيوس فلاخوس – ترجمة د.جورج عوض إبراهيم


             

                   

إن التعليم اللاهوتي للكنيسة هو تعليم نبوي ، رسولي وآبائي ولذلك لا يمكن ان يُنسب له مصطلحات أخرى مثل ما بعد التعليم النبوي ، ما بعد التعليم الرسولي ، ما بعد التعليم الآبائي ، وبالطبع ولا ما بعد التعليم الأرثوذوكسي . عادةً ، التيارات الإنسانية تأخذ مثل هذه المصطلحات ، مثل عصر الحداثة وما بعد الحداثة .

آباء الكنيسة هم خلفاء الرسل في التعليم اللاهوتي والعمل ، يشتركون في نفس الخبرة الإعلانية ذاتها . بالتأكيد ، آباء الكنيسة لكي يحفظوا الخبرة الرسولية من تغييرات الهراطقة ويقودوا المسيحيين إستخدموا مصطلحات عصرهم لكي يعبروا عن التقليد ذاته الذي كان لديهم بدون ان يغيروه . هكذا ، التعليم العقيدي حُدد من المجامع المسكونية وصار جزء من التقليد حيث لا يستطيع أي " أب حديث " ان يتجاهله أو يتخطاه . بناء على ذلك ، لا يمكن ان يصير حديث عن تعليم ما بعد الآباء .  مسألة مختلفة عندما نواجه التيارات المعاصرة في داخل التعليم الأرثوذوكسي الذي لا يمكن ان يُدعى " ما بعد الآباء " ولا يخص تغيير العقائد .

ما يسمى تعليم ما بعد الآباء يرتبط بنظريات أليكس خوميناكوف الروسي ( 1804-1860 ) الذي في عصره لعب دوراً هاماً في الكتابات اللاهوتية الروسية . ليس من المناسب هنا ان نتكلم عن آرائه ، لكن فقط يُلاحظ ان وفق خوميناكوف ، آباء الألفية الأولى يتحدثون في عصره ولديهم قيمة لكن التعليم المدرسي ( القرن التاسع – القرن الثالث عشر ) تخطى التعليم الآبائي مثلما التعليم الروسي اللاهوتي فيما بعد تجاوز الأثنين السابقين ( الآبائي والمدرسي ) . ما هو خطأ خوميناكوف ، خطأه هو أنه ربط بشدة الأرثوذوكسية بالحضارة لكن ليست الأرثوذوكسية حضارة .

عموماً ، نظرية أليكس خوميناكوف أثرت بدرجات مختلفة على التعليم الروسي للشتات في باريس لذلك اليوم يصير حديث عن تعليم " ما بعد الآباء " . الفيلسوف الروسي كيريفسكي وصديق خوميناكوف قال : " إنه من غير الممكن ان تُجدد فلسفة الآباء في الشكل الذي كانت عليها في عصرهم . إنها تجيب على أسئلة عصرها وحضارته التي نَمت فيه "

كتب الأب رومانيدس أن : " خوميناكوف يتفق أيضاً مع ملاحظة صديقه عن الحاجة لتطور فلسفة مسيحية روسية تجيب على الأسئلة الدينية والإجتماعية للمجتمع المعاصر ".

الأب جورج فلورسكي ، وهو يضع في حسابه وجود هذا التيار ، تحدث عن " الرجوع إلى الأباء " ، أي " الرجوع إلى المصادر الآبائية والأسس الآبائية " ، وفي هذا التطلع تحدث عن ما يُسمى المستويات اليونانية للفكر . كتب ، قائلاً : " الإبتعاد عن المسيحية اليونانية ليس هو أبداً تقدم بل رجوع إلى المآزق ولأرتباكات يونانية أُخرى ...لا يوجد أي مخرج إلا فقط من خلال التعليم الآبائي ". إن لم نرى آراء الأب جورج فلورسكي داخل هذا الإطار ، أي إن لم يتفق  مع آراء الأثنين الروس لكُنا ظلمناه بأنه ينادي بتعليم ما بعد الآباء .

هذا يعرفه البطريرك المسكوني بارثلماوس ، لأجل ذلك في أفتتاحيته للمؤتمر المعروف في أكاديمية فولو اللاهوتية ، حيث أنه ذكر أن تعليم الكنيسة لا يمكن ان يجهل الحضارة الحديثة ، إذ يقول : " المستقبل ينتمي إلى تعليم لاهوتي " أصيل – حقيقي " آبائي ، أبعد من تعليم آبائي حديث وتعليم ما بعد الآباء ، إنه أقرب إلى تعليم لاهوتي كنسي ، يُحيّا من الشد بين " ما تحقق بالفعل " و " ما لم يتحقق بعد  " لملكوت الله " .

التعليم اللاهوتي الأرثوذوكسي هو تعليم كنسي ، أي صوت الكنيسة ، والآباء تحدثوا ويتحدثون هذه اللغة . لذلك لا يمكن ان يُقبل مصطلح تعليم ذات " حداثة آبائية " ، أو تعليم " ما بعد الآباء " ، طالما أن التعليم الأرثوذوكسي هو نبوي ورسولي وعلى أي حال تعليم كنسي .




هناك تعليق واحد:

  1. التعليم الابائي يقاس بمدي امانه استلامه من الاسلاف والاعلان الالهي فيه... وهو مبني علي الخبره الروحيه وتذوق الاختبار الحي المستيكي وهذا هو سر تمسكنا برسوليه الكنيسه المتتلمذين للرب نفسه, كراس ومصدر التعليم وصحته..... ورفضنا لاي بدايه او راس جديده لتعليم جديد....
    لذا فالسيد هو من وضع اساس التعليم الحي ومن يبني بالروح يبني فوقه ونرفض اي بناء موازي.....

    ردحذف