التلاعب فى الأنسان للأب جون بريك
ترجمة د . جورج عوض عن موقع الكنيسة الأرثوذوكسية بأمريكا OCA
على مدى الأشهر القليلة الماضية ركزت وسائل الأعلام حصرياً على التهديد الدائم للإرهاب في الداخل ، وفى أفغانستان وأمكان أخرى . لذلك، فقد إسترعت إنتباهنا بعيداً عن ما قد يمثل تهديداً أكثر خطورة بخصوص الرفاهية :" تحسين جينات الإنسان " بالتلاعب وتدمير الأجنة البشرية لمصلحة مخلوق واحد .بدأت أبحاث الخلايا الجذعية بشكل جدى فى أوائل عام1999م. وقادت الأبحاث إلى قدرة الخلايا المزروعة بأن تتطور فى كل أنسجة وأعضاء جسم الأنسان. وقلق لا يقل عن هذا من ضغوط متزايدة لبراءات الجينات البشرية وقطاعات الحمض النووى التى تحمل رمز الحياة البشرية.ولا يمثل مفاجأة، إن القوة المحركة الدافعة خلف هذة المبادرات هى القوة الأقتصادية: الواعدة بأرباح طائلة من مجال التكنولوجيا الحيوية التى توفر معظم تمويل البحوث. علاوة على أن اليوم التركيز أُ عطى للقدرات الطبية في تتميم خلق أعضاء جديدة لتحل محل الأعضاء القديمة وإزالة التشوهات الجنينية المختلفة – السوق يضغط بالفعل على المتخصصين لخلق " أطفال مصممين " بمواصفات مسبقة بواسطة سحر الإستنساخ ، إنسان بتركيبة جينية.أين موقف الكنيسة الأرثوذكسية بشأن هذة القضية التى تنطوى على تلاعب بالحياة البشرية فى المستوى الأساسى لها؟ لا تعليم الكتاب ولا الآباء تحدثوا عن هذا الموضوع بطريقة مباشرة، إلا أن الكتاب والآباء يقدمون رؤية تواجة هذة القضية بوضوح شديد. هذة الرؤية تقدم صورة ثمينة لمفهوم وقيمة الشخص البشرى.الأنثربولوجية الأرثوذوكسية – عقيدة الشخص الأنسانى – تنطلق من التأكيد لما جاء فى سفر التكوين على خلق الإنسان " بحسب صورة الله ومثالة " . ومع ذلك مصطلح " صورة " يجب أن يكون محدد ، فإنة يعنى ما يدعوة اللاهوتيون اليوم :مَنْ يصنع شركة.
الشخص البشرى ليس هو وحدة منعزلة، بل عضو لمجتمع. والمجتمع الأوّلى والأساسى هو هذة الكنيسة، جسد القائم والممجد :الرب يسوع. الأصل المطلق للمجتمع الكنسى هو الله ذاتة. الحياة الأبدية في شركة الآب والابن والروح القدس. " كونوا كاملين" المسيح يقود أتباعة " كما أن أبوكم الذى فى السماء كامل" الكمال – مثل الله يعبر – يمثل بالحرى ذبيحة الحب الذاتية والتى قدمها كعطية لآخرين، وللعالم المخلوق بالحرى لأشخاص بشرية. لكى نستطيع أن نعكس كمال الثالوث القدوس، لن نستطيع أن نتهرب من تورطنا فى جهاد مستمر ضد ميول الجوانب المظلمة التى فينا، ما يدعوة التقليد النسكى " أهواء ". بناء على ذلك، العديد من آباء الكنيسة يميزون بين " الصورة " و " المثال " فالحرب غير المنظورة للنفس هى التى تحدد أو تحقق " المثال " وهذا هو الهدف من الجهاد النسكى.وكما أن كل إنسان قد خُلِقَ بحسب " الصورة" الإلهية هكذا كل واحد دُعىَّ لأن يأخذ على عاتقة تحقيق " بحسب المثال" . ال"صورة" بكلام آخر تخص طبيعتنا والتى أُعطيت للحياة البشرية والتى نتقاسمها جمبعاً."بحسب المثال "هو الوجة الآخر، ويمثل هدف كل شخص أو أنسان دُعىَّ لكى يجاهد لتحقيق هذا الهدف. هذا الهدف وُصِفَ من الآباء ك"تألة" ، كلمة يونانية تعنى التألة. يعنى أن الهدف وغاية الحياة البشرية هى الشركة فى حياة الله الأبدية، فى أفعالة أو خصائصة مثل البر والحق والجمال والمحبة.الأرثوذكسية هى معروفة ب" الخريستولوجيا السامية" إنها تؤمن بأن يسوع الذى من الناصرة ليس هو أصغر من" إلة وإنسان"، الابن الأزلى للآب الذى "بدون تغيير صار إنساناً وصُلِبَ" لأجل خلاصنا. على قدم المساواة الأنثربولوجية المسيحية الأرثوذوكسية هى سامية بأدراكها بالقيمة الأبدية للشخص الأنسانى. بقدر ما تشدد على حقيقة الخطية البشرية، المسيحية الأرثوذوكسية تعترف أيضاً بأن الهدف الأساسى للوجود البشرى – والتى تجاهلها كل شخص مدعو أن يبذل محاولات وجهاد – لتمجيد الله والدخول إلى الأبدية والشركة المفرحة بأقانيم الثالوث القدوس.ماذا يعنى هذا فى علاقتة بالسؤال المتعلق بالتلاعب والأسغلال التجاري للجينات والأجنة البشرية؟قبل كل شىء، هذا يعنى أنة لا تلاعب فى الأنسان على المستوى البعيد أو القريب، والكلى أو الجزئى. يمكن أن يصير هذا التلاعب مقبولاً لأهداف شفائية وعلاجية تكون فى صالح الشخص الذى يريد هذا العمل. وممنوع حتماً الإستخدام التجريبى على أجنة بشرية( الذين فى أعين الله هم يحملون الصورة الإلهية وليس مجرد قطرات-نفط من نسيج) تماماً كما يُستَبعَد تسجيل براءات إختراع للجينات البشرية لأغراض تجارية.بالفعل يشكون الأطباء بأن تجارب تشخصية تطورت حديثاً تخص الجينات ( على سبيل المثال مرض الزهايمر) ليست فى حوزتهم ، لأن براءات الأختراع تتم إجراءاتها بشركات خاصة تحتكرها. فى أمريكا نحن صُدِمنا من الطريقة التى تملكت بها الشركات اليابانية موظفيها. الخطر اليوم هو أعظم جداً: بأن المصالح التجارية سوف تصل إلى أن تتحكم في الحمض النووى الخاص بنا " دى إن إية ".
فى 1998 مجمع الكنيسة الأرثوذوكسية فى أمريكا دعى لفرض حظر على التجارب الرائدة فى إتجاة استنساخ البشر.وجُدِّد النداء فى عام2001م مع بيان الأساقفة يدين أبحاث خلايا المنشأ الجينية والأستنساخ البشرى بوجة عام. مع أنتهاء العام الماضى فى وقت مبكر من مشروع الجينوم البشرى، هذا النداء يجب توسيعة ليشمل أى تلاعب فى جميع المواد الجينية البشرية لأغراض تجارية والتى لا تتضمن نتائج علاجية واضحة ومقبولة. وبالتأكيد يجب أن تكون هناك تشريعات لحظر تسجيل براءات إختراع خاصة بالجينات البشرية.يجب أن تظل هذة المعرفة المكتسبة حديثاً بشأن علم الوراثة مع قدراتها المميزة للخير أو للشر فى العلن. ويجب على المسيحيين الأرثوذوكس الأصرار على هذة النقطة من خلال وسائل الأعلام وبأى وسيلةأخرى تحت تصرفهم. وإلا فأننا سنواجة خطر حقيقى جداً وهو الخضوع لشكل جديد من العبودية فيها إرثنا الجينى فى الأساس سوف تملكة المصالح – تجارية أو حكومية. بالمثل، يجب أن نوضح معارضتنا القاطعة للتلاعب وتدمير الأجنة البشرية، ولا سيما الخلايا الجذعية للبالغين جنباً إلى جنب مع تلك التى تُجمع من الحبل السرى، ومقبول أن هناك قدرات علاجية عظيمة لنظرائها من الأجنة. الشخص البشرى الذى خُلِقَ بحسب صورة الله ويسعى فى المضى بحسب المثال هو ذات قيمة فريدة وأبدية. على أى حال، أى محاولة لتحويل الفرد إلى مخزن لمكونات جينية أو لإنتاج أشخاص بواسطة الإستنساخ هو جريمة ليست فقط ضد حقوق الإنسان والكرامة البشرية ، فهى أول كل شىء جريمة ضد الله الذى يطلب من كل واحد بلا إستثناء المشاركة في حياتة الأبدية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق