ثورة 25 يناير بين تجميل النظام وتغييرةد . جورج عوض ابراهيميكمن الخلاف بين شباب ثورة 25 يناير ومسئولى النظام القديم فى الاختيار بين تجميل النظام بطريقة دستورية وتغيير النظام بطريقة ثورية . الدولة وعلى رأسها الرئيس حسنى مبارك تقوم بعملية تجميل النظام القديم بإقصاء بعض الشخصيات القديمة وتطعيمة بوجوه جديدة كدم جديد يسرى فى جسد النظام ، بينما شباب الثورة يريدون اسقاط النظام القديم بطريقة ثورية ومحاكمة مسئولى النظام كله . والتوتر بين الطرفين مستمر حتى ينتصر احدهم على الاخر. هناك محاولات من لجنة الحكماء للقيام بدور الوسيط بين الطرفين . ويحاول النظام اقناع الشباب بالحوار عن طريق حزمة من التنازلات ، ما كانت تقوم بها لولا قيام هذة الثورة . يحرص النظام القديم على التماسك مكتفيا بالقيام باجراءات فورية خاصة بتعديلات دستورية مع تقديم عدة شخصيات للمحاكمة لتثبت للعالم كلة انها تمضى فى مسيرة التغيير وانتقال السلطة بشكل سلس مع الحفاظ على شكل محترم لخروج الرئيس الذى ينتمى لمؤسسة عسكرية لها تاريخ عظيم . على الجانب الاخر ، يتمسك شباب الثورة ومعهم كل طوائف المعارضة برحيل الرئيس اولا ثم يبدأ الحوار . يتمسك الطرف الاول بالشرعية الدستورية بينما الطرف الثانى يتمسك بشرعية الثورة وما تحدثة من تغيير تام وفورى . والحقبقة ان ما قامت به الدولة من اجراءات سواء الخاصة بالتعديلات الدستورية او تغيير الحكومة والدفع بوجوه جديدة ومحاكمة بعض الشخصيات من المسئولين وتجميد ارصدتهم يدل على ان تغييرا حدث بفعل الثورة لا ينكره احد ، لكن هذا التغيير متى يكون مجرد عملية تجميل لنظام قديم وليس تغيير تام لهذا النظام ؟ الاجابة تتوقف على الدافع الذى جعل النظام القديم يقوم بهذة الاجراءات ، فهل الدافع هو احتواء الثورة وارضائها بشتى الطرق ؟ هل قامت الدولة بهذا التغيير عن اضطرار ؟ لو كانت الاجابة بنعم نكون امام نظام يتجمل من الخارج اما الجوهر كما هو وسوف يظهر على حقيقتة عندما تحين الفرصة ، اما لو كانت هذة الاجراءات قد تمت نتيجة مراجعة عميقة للنظام اكتسب بواسطتها المسئولين بما فيهم الرئيس رؤية جديدة تماما وتغيير داخلى جذرى كأنها ولادة جديدة تنجم عنها نظرة جديدة للانسان وللاشياء ورغبة قوية للتطهير واستئصال الفساد المستشرى فى جسد النظام ، هنا نكون امام تغيير حقيقى وجوهرى وليس تغيير سطحى ومظهرى . هل الثورة احدثت صدمة حقيقية لمسئولى النظام ؟ هل احدثت الثورة تطهيرا داخليا واستنارة لم تكن موجودة من قبل فأصبحت نظرتهم للامور نظرة جديدة تماما، ام ان ما قامت به الدولة مجرد إنحناء امام العاصفة حتى تمر وتهدأ الامور وترجع كما كانت ؟ هنا تخوف الشباب هو محق خصوصا انهم يعيشون الان فى الميدان حياة يسود فيها الحب والمساواة والحرية . وعودتهم لبيوتهم هو بمثابة رجوع مرة اخرى لحياه مليئة بالظلم والقهر والتمييز والفقر . اذن النظرة الجديدة والتغيير الجذرى للشخصيات التى سوف تقود التغيير هو الذى يُرجع الثقة للشباب لينضموا إلى هذة المنظومة الجديدة . والنظرة الجديدة – كما قلنا – لا تعنى مجرد تعديل نصوص الدستور وإقصاء بعض الشخصيات ، ولا حتى إلغاء قانون الطوارىء تحت الضغط ، بل نتائج النظرة الجديدة والتغيير الجذرى يتخطى كل هذا . عمليات التجميل السطحية لا تجدى . البرهان على ان النظام صار جديدا هو تفعيل رؤية تراعى - عن قناعة داخلية عميقة - كرامة الانسان ايا كان هذا الانسان وانتمائة الدينى والفكرى ولونه . الثورة الحقيقية هى التغيير الجذرى للبشر ، هى الانتقال من حياة الظلمة إلى حياة النور، وهذا التغيير الحقيقى يجب ان يسعى الية كل طوائف الشعب لكى يتجلى نموذج ميدان التحرير فى كل مناحى حياتنا : المدرسة ، والاسرة ، ودور العبادة ، وسلوكيات الحياة اليومية وهذا حديث آخر فى زمن لاحق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق