مساهمة الرسل في عمل الكنيسة
لامبروس سكوندزوس – ترجمة د جورج عوض عن موقع الدياكونية الرسولية - اليونان
كلمة رسول αποστολος يعنى مرسل ، فالرسل هم الذين دُعيوا من الرب ليكونوا تلاميذه لكى يستمروا فى عملة بعد صعودة من السموات . أيضاً وفق وصيته الواضحة صاروا شهوداً لقيامتة " إلى أقاصي الأرض " ( أع8:1). إختيار ودعوة الرسل ، الذين حتى يوم الخمسين كانوا يُدعّون تلاميذ ، صار مباشرةً ببداية عمل الرب الجهارى فى الجليل ، إذ بعد معموديته توجه إلى الجموع على شاطيء جنيسارت حيث قال للصيادين : " هلم ورائي فاجعلكما صيادي الناس " ( مت21:4) . آخرون " تركا الشِباك وتبعاه " ( مت 21:4) وأيضاً آخرون " تركا أباهما زبدي فى السفينة مع الأَجَرَى وذهبا وراءة " ( مر 20:1 ) .
عُيّنَ التلاميذ من الرب فى ثلاثة دوائر : الدائرة الضيقة للأثنى عشر ، الدائرة الأوسع للسبعين والأكثر شمولاً أصدقائة الكثيرين . الأهمية العظمى هى لدائرة الأثنى عشر . هؤلاء كانوا بالقرب منه وإليهم أعلن أسرار الله . هؤلاء نالوا نعمة الكهنوت الخاصة ليتمموا أعمال الكنيسة التقديسية والليتورجية وينقلوها لخلفائهم . هؤلاء كانت ليهم كرامة تحديد حتى المستمرين فى عمله لأنه فقط لهؤلاء قال " ليس أنتم أخترتمونى بل أنا أخترتكم واقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم لكى يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمى " (يو 15:16). بعد القيامة جعلهم رسمياً خلفاءة فى عمله : " كما أرسلنى الآب ارسلكم أنا . ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس . مَنْ غفرتم خطاياه تُغفر له . ومَنْ امسكتم خطاياه أُمسكت " ( يو 21:20-23) . على جبل الجليل حيث كان قد تجمع الاحدعشر قبل صعودة قليلاً قال لهم : " فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس . وعلَّموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به . وها أنا معكم كل الايام إلى انقضاء الدهر " ( مت 19:28-20 ) .
الرب يسوع المسيح لم يختار الرسل من النخبة الارستقراطية ، او من طبقات السياسيين ، او رجال الاعمال والاقوياء أقتصادياً ، او من دوائر المفكرين المغلقة ، لان الفساد ، والسقوط والتعجرف كانت سمات هذة الطبقات . على النقيض ، اختارهم من المهمشين والضعفاء والاُميين . إن أقوال بولس الرسول واضحة :"أَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ لأَنَّ الْيَهُودَ يَسْأَلُونَ آيَةً وَالْيُونَانِيِّينَ يَطْلُبُونَ حِكْمَةً وَلَكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوباً: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُوداً وَيُونَانِيِّينَ فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهَّ. لأن جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ! فَانْظُرُوا دَعْوَتَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لَيْسَ كَثِيرُونَ حُكَمَاءُ حَسَبَ الْجَسَدِ. لَيْسَ كَثِيرُونَ أَقْوِيَاءُ. لَيْسَ كَثِيرُونَ شُرَفَاءُ. بَلِ اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ وَاخْتَارَ اللهُ ضُعَفَاءَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الأَقْوِيَاءَ وَاخْتَارَ اللهُ أَدْنِيَاءَ الْعَالَمِ وَالْمُزْدَرَى وَغَيْرَ الْمَوْجُودِ لِيُبْطِلَ الْمَوْجُودَ لِكَيْ لاَ يَفْتَخِرَ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَمَامَهُ" ( اكو21:1-29 ). الاصل المهمش للرسل هو منذ السنين الاولى للمسيحية حتى اليوم أُستخدم من محاربى المسيحية على انها ديانة كاذبة لأناس ليست لهم اى قيمة. الفكر الفاسد والكاذب كان يريد مسيحية فلسفية تكون حافز لمناقشات عقيمة فى دوائر فكرية مغلقة ، مسيحية منقطعة عن دورها التقديسى والصحيح . ولان هذا لا يتناسب مع قياساتهم ، لأجل هذا تُرفض من هؤلاء وتُحَارب بهيجان فى كل العصور.
الروح القدس فى يوم الخمسين المقدس ( أع 2 ) غيّر الصياديين المهمشين والخائفين والأُميين إلى رجال حكماء ، إلى شخصيات قوية ، إلى موجودات متوهجة ، الذين فتنوا المسكونة ، خبرة قيامة الرب المؤثرة وحلول قوة الروح القدس اعطتهم دَفعة خيالية . أنتشروا فى كل العالم لكى يكرزوا بالجديد ، بحامل الرجاء وبالرسالة الخلاصية لفداء الجنس البشرى فى المسيح . قلوبهم المشتعلة من الغيرة الالهية وكرازتهم النارية جعلت قلوب البشر تهتز شوقاً للفداء . بذرة الانجيل أُلقيت من هؤلاء العمال النشطاء والالهيين فى كل مكان فى المسكونة .
ظلمة الكون إنقشعت بسماع الحق الانجيلي . الافكار الشيطانية الطاغية تبخرت امام الحرية الروحية للرسالة المسيحية . هؤلاء صيادى الجليل المهمشين ارجعوا تاريخ العالم إلى طريق الانسانية والحضارة والتقدم . البشر الوضِعيين والمحتقرين الذين لم تكن لديهم قيمة أكبر من تلك التى كانت للبهائم والاشياء قبلوا نعمة فى كرازة اولئك ، للمرة الاولى كقيم بشرية وايضاً أكثر ككأيقونات الله الحية ! كثيرون أقوياء فَهِموا ان قدرتهم العالمية ليست لها قيمة حقيقية ولأجل هذا تركوها . لقد وُلِدَت اول مجموعة أخوّة فى العالم ، كنيسة المسيح ، كمحبة حقيقية جديدة وأخوّة بشرية لشعوب وسط عالم الخطية والشر غير الانسانى ، كوسيلة للخلاص والفداء من عبودية الخطية والفساد.
البشرية والحضارة المعاصرة تدين بالعرفان الكبير للرسل القديسيين ز كل ما لم ينجزة الفكر والقوة ، انجزة كورال تلاميذ ورسل المسيح . لكن العالم للأسف ليس فقط لم يُقّدِر تقدمتهم ، بل على النقيض ، فَعَلَ كل ما امكنه لكى يهدم ما بنوه أولئك . وصف الرسول بولس صعوبات رسالته كالآتى : "فَإِنِّي أَرَى أَنَّ اللهَ أَبْرَزَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ آخِرِينَ كَأَنَّنَا مَحْكُومٌ عَلَيْنَا بِالْمَوْتِ. لأَنَّنَا صِرْنَا مَنْظَراً لِلْعَالَمِ لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ. نَحْنُ جُهَّالٌ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحُكَمَاءُ فِي الْمَسِيحِ! نَحْنُ ضُعَفَاءُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَقْوِيَاءُ! أَنْتُمْ مُكَرَّمُونَ وَأَمَّا نَحْنُ فَبِلاَ كَرَامَةٍ! إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ نَجُوعُ وَنَعْطَشُ وَنَعْرَى وَنُلْكَمُ وَلَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ. صِرْنَا كَأَقْذَارِ الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ " . آلاف الصعوبات ، والمشقات والمتاعب والاضطهادات غير الانسانية لم تُخِيفهُم. عملهم قد حمل ثمار ، إذ كان كل يوم ينضم إلى الكنيسة الذين يخلصون ويصيروا مسكنا للروح القدس . عمل الرسل القديسيين استمر ويستمر بتعاقبهم . فى كل مكان ، حيث اسسوا كنائس محلية رسموا اساقفة وكهنة لكى يستمروا فى عملهم . يكتب لوقا فى اعمال الرسل سفر تبشير كنيستنا : " وَانْتَخَبَا لَهُمْ قُسُوساً فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَاسْتَوْدَعَاهُمْ لِلرَّبِّ الَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ " ( أع 23:14). هذا التعاقب غير المنقطع يستمر حتى اليوم ويُوصف لتعاقب الاشخاص والايمان ولأجل هذا تُسمى الكنيسة كنيسة رسولية . إذن كل الذين يعملون فى كنيسة المسيح ، الاكليروس والشعب يستمرون جوهرياً فى عمل الرسل العظيم الذى تمموه .
نحن جميعاً مؤمنى المسيح والمحتفلين بالرسل القديسيين ، " العاملين مع المسيح " ( 2كو1:6) لدينا إلتزام وواجب ان نعطى لهم الكرامة التى تليق بهم لأن كنيستنا المقدسة هى مؤسسة على هذة الشخصيات العظيمة . هذا يؤكدة يوحنا الانجيلي الذى رأى فى الرؤيا كنيسة المسيح المنتصرة فى السموات " وَأَرَانِي \لْمَدِينَةَ \لْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ \لْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ \لسَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ \للهِ، لَهَا مَجْدُ \للهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ. وَكَانَ لَهَا سُورٌ عَظِيمٌ وَعَالٍ، وَكَانَ لَهَا \ثْنَا عَشَرَ بَاباً، وَعَلَى \لأَبْوَابِ \ثْنَا عَشَرَ مَلاَكاً، وَأَسْمَاءٌ مَكْتُوبَةٌ هِيَ أَسْمَاءُ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ \لاِثْنَيْ عَشَرَ " ( رؤ10:21-12).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق