الخميس، 16 يونيو 2011

القديسة ليديا
عن المدونة اليونانية kantonopou فى 20 مايو 2011 – ترجمة د جورج عوض
لقد دُعىَّ رسول الامم لكى يكرز فى مدينة فيلبي . المدينة الكبيرة التى بها طرق كثيرة وميادين وسوق كبير . كان الرسول يبحث عن طريقة ليبدأ التواصل مع أهل المدينة الذى قرأ فى وجوههم مشاكلهم وإهتماماتهم . لقد تحقق من عمق الظلمة التى تغطي نفوسهم . إنه حاسم فى الدخول للمعركة ، سوف يبوق بالإنجيل منتصراً ، هو يؤمن بأنه سوف يجعل أصنام المدينة تهتز من أساساتها ، سوف يحارب حتى النفس الأخير ، لكى يحرر الاخوة العبيد من عبوديتهم الرهيبة للوثنية . هذة الأفكار كانت فى ذهن بولس الرسول وهو لا يدرى انه موجود فى أحد أطراف المدينة بالقرب من نهر زيغاكتوس بالقرب من بستان . حقاً ، ما أروع هذا البستان ! مملوء سحراً . بجوارة ماء النهر الكريستالى المحيط به . الورود تنتشر حول المياة برائحتها الأسطورية . بستان يُشبه بستان المسيح . وفى أحد الاركان من البستان مجموعة من النسوة مملؤات بخوف الله يتممن واجباتهن الدينية . هذا هو مكان للصلاة . وحيث يصلى الانسان يتقدس المكان ويصير دائماً بستان سماوي حيث النسيم الحلو لنعة الله تسكر النفوس التى تعرف ان تُصلي . هذا البستان هو المرحلة الأولى للتواصل . " وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ خَرَجْنَا إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ نَهْرٍ حَيْثُ جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ تَكُونَ صَلاَةٌ فَجَلَسْنَا وَكُنَّا نُكَلِّمُ النِّسَاءَ اللَّوَاتِي اجْتَمَعْنَ " أع 13:16. من هنا سُمعَت الكرازة الاولى . هنا صلاة النسوة المصليات أثمرت والله الصالح يستجيب لمطالبهُنَ . من بين النسوة كانت ليديا سيدة الاعمال التى من ثياتيرا . النسوة المملؤات من خوف ٍ وتقوى يسمعن للمرة الاولى التعليم الحلو من فم الرسول بولس . كل قول من أقوال الرسول كان مثل نقطة من الماء الرطب على نفوسهن العطشانه . لكن تلك المرأة التى كانت أكثرهن حماساً هى ليديا . صار فى داخلها زلزال وبين جنبات قلبها ظهر فجأة عالم جديد .
كان قلب ليديا مضطرب ، فآلهة الاوليمبياس الاثنى عشر سببت لها خواء . كانت لا تستطيع ان تعبد آلهة تتعارك مع بعضها . فراغ نفسها وشوقها لمعرفة الاله الحقيقى قادها إلى بستان الصلاة . تعارفها وارتباطها بجماعة صغيرة من النسوة اليهود فتحت لها الطريق لِما تشتهيه . لقد وجدت تاجرة الارجوان قطع من الذهب فى ناموس موسى . الناموس الذى يلعب دور المربي الذى يقود إلى المسيح ، أشعل فيها العطش للبحث عن الماسيا . فى هذة الحالة وُجدت ليديا، حين سمعت للمرة الاولى الرسول بولس يتحدث عن فادي العالم .
الرسول بولس مارد الفكر بالقدرة التى تميزة يصف ويرسم بألوانه الرائعة صورة المصلوب . يخبرهن ببساطة ووضوح الحقائق الإنجلية ويعلن للنسوة المملؤات من تقوى الله : عن مَنْ يصلين له ، انه الماسيا اللواتى ينتظرونه . هذا ما نكرز به اليكن . المسيح هو الماسيا . المسيح هو الاله المتأنس . المسيح هو نور العالم ، خبز الحياة ، الماء المُحيى ، الراعي الصالح . المسيح هو فادي العالم . وليديا بعيونها المحدقة فى وجه بولس الرسول وبأهتمام حىّ تسمع بإهتمام وتقوى كلمات هذا اليهودي المجهول . إن تاجرة الارجوان ، الشخصية المتدينة بعمق ، المملوءة بالحماس والدهشةتعلن بحسم ودهشة أنها تريد ان تصير مسيحية . الرسول بولس أكمل عمله وعَمَدَ ليديا هى واهل بيتها فى نهر الزيغاكتوس . المرأة الاولى المسيحية فى اوروبا تلبس لباس الاستنارة الجديد . المسيحية الاولى فى مقدونيا تُسجل فى سفر ملكوت السموات . الآن هى العضو الاول للكنيسة الاولى فى اليونان ، قلبها المغمور بنور الله ونعمته يفيض بمشاعر العرفان تجاة أولئك الذين فتحوا أعين نفسها ، وأعلنوا لها الحق وقادوا خطواتها إلى طريق الخلاص . كيف اذن تشكرهم ؟ إنها جاهزة لتقدم أموالها ، الارجوان ، بيتها وكل ما تملكه ، لكى تُظهِر عِرفانها . لكن الرسل الذين هم غير مُلاك ليس هم فى إحتياج للخيرات المادية .
يحفظون وصية الرب . لا يريدون شيئاً لذواتهم . الكل لمجد الله . هذا هو شعارهم . لكن المرأة المستنيرة الجديدة تصمم على طلبها بفرح ان يقبلوا استضافتها :" فَلَمَّا اعْتَمَدَتْ هِيَ وَأَهْلُ بَيْتِهَا طَلَبَتْ قَائِلَةً: «إِنْ كُنْتُمْ قَدْ حَكَمْتُمْ أَنِّي مُؤْمِنَةٌ بِالرَّبِّ فَادْخُلُوا بَيْتِي وَامْكُثُوا». فَأَلْزَمَتْنَا" أع 15:16. أصرّت ليديا بشدة حتى ان بولس ومن معه أُجبروا على الاستجابة لطلبها وقبلوا استضافتها لهم .
لقد قدمت ليديا كل شيىء لخدمة الكنيسة . لكن ولا شيىء يساوي تقدمتها لذاتها . لاتنتمى ليديا بعد لذاتها بل تنتمى للمسيح . انها حمل المسيح ، تلميذة الناصرى ، قلبها هو أسير لمحبة المسيح . مِن هنا أيضاً فصاعداً أخلصت فى عمل التبشير . تقود أهلها أولا إلى الايمان الجديد وتعطى البشارة لنفوس آخرين . لقد صارت سامرية أهل فيلبى وظهرت كعضو حىّ فى الكنيسة . عملت بكل قدرتها فى خدمة الكنيسة وحرصت على حضورها فى كل الخدمات الاجتماعية التى تقوم بها الكنيسة . هكذا عملت وعاشت وفق إرادة الله تسلم روحها ورحلت عن العالم الحاضر ممجدة اسم الرب ، والكنيسة سجلت اسمها فى سفر القديسيين . صلواتها تكون معنا آمين .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق