الحوار في تعليم المسيح
بحسب الأناجيل
د. جورج عوض ابراهيم
إن التربية الحوارية أي القائمة على الحوار لها حضور دينامي إذ تساهم بفاعلية ليس فقط في تحقيق الأهداف التعليمية لكن في نمو الشخص المتعلم داخل مجتمع المتحاورين.
أولا: مفهوم الحوار
هوالحوار في المفهوم التربوي هو أساس لتشكيل نظام العملية التعليمية في مجال العمل التربوي والمعروف بالتربية الحواريةDialogical Pedagogy[1]
الحوار هو اشتراك فعّال لأشخاص في مناقشات مستمرة منظمة يسمحون فيها بسماع آراء مختلفة للمتحاورين على مواضيع محددة مما يترتب عليه نمو مواقف وآراء جديدة[2]. والحوار يهدف إلى تحقيق التواصل بين المتحاورين بشرط توفر رغبة المتحاورين لهذا التواصل الشخصي فيما بينهم لاكتساب خبرات جديدة نتيجة لهذه العلاقة الديناميكية فيما بينهم. الحوار يقدم فرص لنشاط ثقافي تجديدي ذات ملمح وجودي. فالمعلمين والمتعلمين يشكلون معًا العملية التعليمية التي تهدف إلى بناء فكر مشترك لحالة جديدة. وكما وصف :Freire " الحوار ليس هو طريقة تناول الأسئلة الحيوية التي تخص الحياة المدنية لكن كل مظاهر وجودنا. يكتسب الحوار فقط بفضيلة الإيمان أهمية ديناميكية، بالإيمان بالإنسان وإمكانياته، بالإيمان بأنني أستطيع أن أكون نفسي، عندما يكونون الآخرون أنفسهم"
ثانيا: ملامح الحوار
1ـ الفعل الحُر Free act
2ـ الشركة والتواصل Socializing لأنه يتطلب أكثر من شخص.
3ـ الإيجاز Inclusive لأنه يسمح بمشاركة كل الذين يرغبون الحوار في مجموعة محددة.
4ـ فرض قوانين لإجراء هذا الحوار Normative لأنه يتأسس دائما على أسس ليكون له فاعلية.
5ـ تقديم اقتراحات Propositional وليس أوصاف ، لأنه يخلق مناخ لموضوع يشترك فيه المتحاورون الذين يرغبون في المناقشة.
6ـ القوة المغيّرة (التشكيلية) Transformative لأنه ينتج عنه معرفة جديدة تمنح إمكانيات وقدرات جديدة وتخلق واقع جديد يؤثر على طريقة حياة وعمل الإنسان في العالم[3]، لأن الحوار له أساس كياني يخلق إمكانية في الإنسان ليتناقش ويُعيد تشكيل العناصر الحقيقية لهويته ويساهم هكذا في تغيير العالم[4].
7ـ الحوار يُنشئ شوق ورغبة للمتحاورين للتوافق والاقتراب والانعطاف فيما بينهم بهدف الارتفاع المشترك (السمو) للمبادرات والمسئوليات لكي يؤثرون على مجتمعاتهم مقدمين لهم تغييرات مرجوة لتحسين واقعهم الاجتماعي.
ثالثًا: شروط الحوار أو مستلزمات الحوار
الحوار لا يعمل من تلقاء نفسه أو بطريقة آلية لكن يتطلب وجود شروط معينة لكي تكون له فاعلية:
أـ يتطلب الحوار موقف شخصي على أفكار معينة أو مفهوم معين بهدف تغيير أفكار ومثاليات كفرصة للإشتراك والتواصل.
بـ يعتمد الحوار على تنازل المتحاورين للمشاركة والمساهمة في إجراء هذا الحوار.
جـ يجب على المتحاورين أن يدركوا أنهم سوف يكتشفون ـ من خلال نتائج الحوار ـ مفاهيم جديدة عليهم.
دـ الحوار يتطلب وجود مقدرة نقدية وإبداعية ، فالأولى هي ضرورية لأنها تجعلهم قادرين أن ينزعوا الأسطورة عن الواقع الاجتماعي ويقدمون فرصة دخول إلى مراحل مختلفة للمعرفة، بينما الثانية هي ضرورية لأنها تساهم في إعادة بناء حالات داخلية بأفكار دقيقة ومعارف تفتح حدود جديدة للعمل.
وـ لا يمكن أن يوجد حوار بدون التواضع والاحترام[5]، لأنه بدونهما يسقط الحوار في الغيرة والمهانة.
رابعا: تطبيق التربية الحوارية
أ ـ موضوع الحوار
ب ـ حدود الحوار
ج ـ حقوق المتحاورين
اـ موضوع الحوار: لأن التربية الحوارية تهدف إلى تفعيل وتعضيد الإمكانيات والمهارات للإمكانيات المتنوعة التي تحيط الإنسان فموضوع الحوار يمتد إلى كل مظاهر حياة الإنسان ككائن جسدي ونفسي ، فمواضيع الحوارتنبع من كل مجالات خبرة المتعلمين (التلاميذ) المعيشية لحياتهم البشرية مثل:
1ـ من البيئة الاجتماعية والثقافية[6]
2ـ من الإيمان الديني
3ـ من المشكلات الشخصية التي تنشأ عادة من:
* الأزمات الشخصية
* المشاكل العائلية
* المشاكل الاقتصادية والسياسية
* أزمة القيّم لمجتمع معين.
لقد أستقى المسيح دائمًا مواضيع تربيته الحوارية من بيئة تلاميذه الاجتماعية والثقافية، لذلك لجأ المسيح إلى العناصر الثقافية لحياة المجتمع العبري، وكان هذا هو "منهجه" أو "أسلوبه" التربوي اليومي. ومن الجدير بالملاحظة أن تقول أن العناصر التي كانت تعبر عن حياة تلاميذه الاجتماعية والثقافية كانت تتدفق من التقليد الديني للشعب في فلسطين. الأمر الذي أنشأ احتواء مشترك بين القيم الثقافية لهذه المنطقة والقيم الدينية التي أثرت وشكلت على مبادئ الحياة لأعضاء المجتمع العبري.
لذلك سوف نضع مواضيع حوارات المسيح التي استقاها من خبرات تلاميذه المعيشية.
مواضيع حوارات المسيح من البيئة الإجتماعية والثقافية العبرية:
أولا: من البيئة الاجتماعية
* شفاء المرأة المنحية (لو 134: 10ـ19)
* شفاء إنسان مُستسق (لو 14: 1ـ7)
* حول إعلان فضيلة الصدق والمحبة وحفظ المعروف، المرأة الخاطئة التي دهنت رجلي المسيح بالطيب (لو 7: 36ـ50)
* حول علاقة الخطاة بالأبرار (مر2: 15ـ18)
ثانيًا: الإيمان الديني
الحضور الديناميكي للديانة متسع في كل مرحلة من الحياة البشرية وتغطي كل مناحي الحياة، ويؤثر على الواقع التاريخي للإنسان ليس فقط كفرد منعزل ، لكن كعضو في المجتمع . الديانة تعمل كعنصر لانضمام الفرد في مجموعة اجتماعية معينة، وفي نفس الوقت هو عامل مؤثر على الروابط الاجتماعية ، خاصة تأثير الديانة على التربية حتى أنه يتطابق مع التربية في أغلب الأحوال.
مواضيع المسيح الحوارية من الإيمان الديني:
* عن حول الصيام (مت9: 14ـ17)
* عن راحة السبت (مت 12: 1ـ14)
* عن التقليد الديني (مت : 1ـ20)
* عن الحياة الأبدية (مت 16:9)
* عن القيامة (مت 22: 23ـ33)
* عن عبادة الله (يو4: 1ـ25)
ثالثًا: مشاكل شخصية
اللجوء إلى المشاكل الشخصية في التربية الحوارية لأجل تسهيل المواضيع هو أمر معتاد. الإستفزازات المباشرة للمشاكل الشخصية يضمن مشاركة حماسية للتلاميذ وتساهم في الرضى الفعال للأهداف التعليمية.
مواضيع المسيح الحوارية على أساس المشاكل الشخصي:
* تزعزع العلاقات الشخصية ـ عن الغفران (مت18: 21ـ35)
* أزمة العلاقات الزوجية ـ عن الزواج والطلاق (مت 19: 3ـ12)
* معيار التفوق الأخلاقي في ملكوت الله ـ عن التواضع والبراءة (مت18: 1ـ20)
* مناقشات وجودية ـ عن خبز الحياة (يو6: 22ـ59)
بـ حدود الحوار
التربية الحوارية تتأسس على الفكر التقليدي للتعليم والتعلم والتي تشمل : اـ التحديد المسبق للمستوى الأول والأسمى للانطلاق ونمو التعليم وذلك بواسطة أسس (شروط) أو مبادئ العملية التربوية.
(ب) خصوصية تلاميذ ذات نظام مدرسي معين
عامل آخر يُحجم الحوار هو الفكر التقليدي للتربية كإجراء للمعارف المخزنة “Depository” ، والتي فيها يأتي التلاميذ إليها كمعارف متقولبة. في هذه الحالة يسقط الحوار إلى عمل آلي سؤال \ إجابة. في هذه الحالة يتم طرد ملامح أساسية مثل ملامح الإبداع والعمل المشترك، بناء المعرفة، تحضير قدرات وإمكانيات التلميذ.
أيضًا عدم احترام التلميذ والتقليل من شأنه “devaluation” واعتباره أنه متلقي سلبي للمعرفة وليس عامل يساهم في العملية التعليمية. ويصبح تقييم التلميذ على أساس كمية المعارف المخزنة (المحفوظة). في هذا الإطار تشجع هذه التربية على مشاركة التلميذ ويغيب عنها كل الملامح الديمقراطية للعملية التعليمية[7].
هكذا التربية التي تتأسس على المعارف المخزنة هى كنتيجة حرمان التلميذ من الحرية والمشاركة . أيضًا هذه التربية تعلم التلاميذ أن المعرفة هي ملك المعلمين . ويدركون بأنفسهم كأن الجهل يستولى عليهم لدرجة أنه يتشكل موقف سلبي داخلهم تجاه المعرفة.
أيضًا عنصر آخر هو الخوف الذي ينتاب المشارك في الحوار نتيجة النقد اللاذع الذي يعرض له في الماضي لأنه عبر عن رأيه في مرة سابقة، هكذا فقد الثقة في معلمه كل هذا يخلق مناخ مليء بالقلق والشد العصبي.
حقوق المتحاورين
يجب أن تتوفر ثلاثة مبادئ من أجل تحقيق حوار تربوي تعال ، وهم :
1ـ حق الحديث يمثل الشرط الأساسي في تعليم الحوار . يجب على المتحاورين أن تتوفر لهم إمكانية لتعبير عن آرائهم بحرية، عرض أسئلة، نقد بناء والعمل على أتساع (امتداد ) الحوار على أساس تقديراتهم الشخصية لأفكار الآخرين.
2ـ حق في عدم الإجابة هو حق جوهري في التربية الحوارية
قرار أن يظل المرء صامت في إطار الحوار له قيمتين داخليتين:
* هو دلالة لفكر نقدي وتشكيل قرار
* هو شكل قبول واحترام لرأي الآخر.
3ـ حق تقنين إجراء الحوار يسمح للمتحاورين أن يُذّكرون الآخرين بحقوقهم ، على سبيل المثال في حالات عدم الاستعداد لسماع آراء الآخرين. حفظ هذه الحقوق له أهمية فعالة لأنه ينقذ الحوار من الانحرافات والتغيرات والتي ممكن أن يسبب عوامل تاريخية وثقافية أو تمييزات جنسية[8].
المسيح دافع عن هذه الحقوق
* حرية التعبير عن الرأي (أنظر مت 15:16، يو 34:12)
* الاعتراف بحق الحديث إلى تلاميذه (مت 19: 16ـ30)
* اعتراض المسيح على اللطمة التي قبلها في إطار الحوار (يو 18: 19ـ23)
* الصمت – مغادرة الشاب الغني من الحوار مع المسيح (مت 22:19)
* صمت المسيح أثناء حديثه مع بيلاطس على السؤال الأخير (يو19: 9ـ10)
الحوار في إطار المعرفة المسيحية لا يصير مفهومًا لتبادل آراء وصياغة مواقف من جانب المتحاورين. "الآخرون" المتحاورين يقومون بإجراء شركة حتى ينتهوا إلى "مشاركين" طالما أن المعرفة تؤدي إلى علاقة جديدة[9].
إن الحوار له أساس وجودي لأنه بواسطته يستطيع الأفراد أن يؤكدون أهميتهم كموجودات بشرية. من هذا المنطلق الحوار له تأثيرات ظاهرة على التلاميذ وأيضًا على إدراكهم بينما في نفس الوقت يُظهر قناعتهم وخصوصيتهم.
على أساس هذا الاعتقاد عندما يحدد أو يعين أو يهدف الحوار إلى تعبير سماع مسئول عندئذ كنتيجة لديه إعلان واكتشاف للمتحاورين . وفي هذه الحالة الله المعلن يُكتشف من جانب الإنسان.
الحوار في تعليم المسيح يبدو أنه يقود إلى تشكيل علاقة حوارية لها بُعدين: الأول: العلاقة بين الله والإنسان، والثاني: بين الإنسان وأخيه والأخير هو شرط لوجود الأول (أنظر ذهبي الفم ، تفسير يوحنا، عظة PG59,191 :82).
ويستطيع المرء بسهولة أن يميز من الحوار :
الأول: حوارات نقدية والثاني: حوارات تعليمية
1- الحوار النقدي
هذا المستوى من الحوارات يظهر في إنجيل مرقس بطريقة مؤثرة في (مر2: 1ـ36)، 11: 27ـ33، 12: 13ـ34) و (مر3: 22ـ30، 7: 1ـ23). ملمح هذا الحوار الأساسي هو أن المسيح يصّد بحسم خصومه، رؤساء اليهود والكتبة والشيوخ ، أعضاء مجمع أورشليم (مر11: 27ـ33، 12: 1ـ12)، الفريسيين والهيروديسين (مر12: 13ـ17)، الصدوقيين (مر12: 18ـ27)، والكتبة (مر 12: 28ـ34).
هذا الشواهد تقدم صورة للمسيح مختلفة تمامًا عن تلك الصورة التي نتجت عن حوارات شبيهة . المسيح يُعلن كمجادل ماهر متجاوب تمامًا على تطلعات الموضوع المثار أو على مستوى تفكير سائليه . لقد تحرك المسيح بسهولة على نفس مستوى خصومه الذين كانوا ينتمون إلى طبقة المفكرين.
الصورة العامة التي شُكلت من خلال الحوارات النقدية هي صورة معلم كفء شجاع يفسر مستندًا على مبررات نقدية التقليد مستخدمًا مصداقية شخصيته القوية.
بـ حوارات تعليميه
الملح الأساسي لهذه الحوارات هو رفض يسوع قبول أفكار المتحاورين معه الذين يريدون أن يجذبوا المسيح إلى معتقداتهم في المواضيع التي يتناقشون فيها معه.
أيضًا ترى المسيح في هذه الحوارات يورط محدثيه بطريقة شخصية عكس ما كانوا يتوقعون إذ تطلعهم أن يورطوه على المستوى الشخصي ، على سبيل المثال في مر10: 17ـ21.
"وفيما هو خارج إلى الطريق ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية. فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحًا. ليس أحد صالحًا إلا واحد وهو الله. أنت تعرف الوصايا. لا تزن . لا تقتل. لا تسرق. لا تشهد بالزور. لا تسلب أكرم أباك وأمك. فأجاب وقال له يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثتي. فنظر إليه يسوع وأحبه وقال له يعوزك شيء واحد . أذهب بع كل مالك وأعط للفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني حاملاً الصليب" أيضًا أنظر (مر35:10، 11: 12ـ25) أيضًا مثال آخر في إنجيل لوقا (13: 1ـ3):
"وكان حاضرًا في ذلك الوقت قوم يخبرونه عن الجليليين الذين خلط بيلاطس دمهم بذبائحهم . فأجاب يسوع وقال لهم أتظنون أن هؤلاء الجليليين كانوا خطاة أكثر من كل الجليليين لأنهم كابدوا مثل هذا . كلا أقول لكم . بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" لو13: 1ـ3. (أيضًا أنظر لو20:17ـ21)
أيضًا ملمح آخر في هذا الحوارات هو مقدرة يسوع المعلم أن يعطي قيمة لحدث أو دافع مهمش لكي يُخرِج مثال جريء (إصحاح 11 في انجيل متى) ، من خلال سؤال يمكن أن يقود مستمعيه إلى حيرة شديدة.
الملمح الأخير والهام هي أن في حوارات المسيح التعليمية نجد هدف العمل التربوي المحدد الذي يريد أن يقدمه المسيح لمحاوريه على سبيل المثال :
1ـ في حواره مع التلاميذ: أنظر مت13:16، "من يقول الناس إني أنا إبن الإنسان" (أيضًا أنظر مت 17: 14، 17: 20)
2ـ مع المقعد قال له في يو14:5: "فلا تخطيء أيضًا لئلا يكون لك أشر
3ـ مع المولود أعمى في يو 9: 1، "أنا هو نور العالم"
4ـ مع السامرية في يو24:4، "الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا "
5ـ مع نيقوديموس في يو 3:3 ، "إن كان أحد لا يُولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله"
6ـ مع الكتبة والفريسيين في يو7:8، "من منكم بلا خطية فليرمها بحجر"
مميزات النموذج الحواري في تعليم المسيح
* التعليم يُبنى على خبرة التلميذ ويهدف إلى اكتشاف الحق ، على سبيل المثال في مت 24: 32ـ33، "فمن شجرة التين تعلموا المثل . متى صار غصنها رخصًا وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف قريب. هكذا أنتم أيضًا متى رأيتم هذا كله فأعلموا أنه قريب على الأبواب".
* المعلم يصير معاونًا ويشترك في التفسير والبحث، على سبيل المثال في لو 24: 31ـ33، "فانفتحت أعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما. فقال بعضهما لبعض ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب . فقام في تلك الساعة ورجعا إلى أورشليم ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم"
* التلميذ يتعلم منطلقًا من مقدراته الخاصة ويشعر أنه راضي عن نفسه، عندما ينقاد بمساعدة المعلم لكي يكتشف الحق (الحقيقة).
* الحوار يتم في جو الحرية ومساواة ، على سبيل المثال في مت 13:16، "ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلا من يقول الناس أني أنا ابن الإنسان ...."
* استخدام مفاهيم وكلمات معروفة في الوسط المحيط : قال للتلاميذ الصيادين " أجعلكم صيادي الناس"
* الحوار يُركز في نقطة صراع محورها عندما تذهب المداخلات والمناقشات التي تنتهي وتسبب في تعب المتحاورين ، "أعطوا ما لقيصر وما لله لله" لو 25:20.
* الحوار واضح ومحدد: "ثم قال يسوع أسألكم شيئًا. هل يحل في السبت فعل الخير أو فعل الشر. تخليص نفس أو إهلاكها" لو9:6.
* الإجابة تُعطى من يسوع المعلم عندما ينقاد التلاميذ إلى اللا مخرج (المأزق) ، غير ذلك يُعطى بواسطتهم هم أنفسهم : "ولما كان وحده سأله الذين حوله مع الأثني عشر عن المثل فقال لهم قد أُعطى لكم أن تعرفوا سر ملكوت الله. وأما الذين هم من خارج فبالأمثال يكون لهم كل شيء" مر10:4
* الحوار يؤّمن مناخ لنمو العلاقات الشخصية : "يا سيد أرى أنك نبي" يو19:4.
* يساهم في خصوبة السائل ونضج الإبن الروحي :"الآن نعلم أنك عالم بكل شيء ولست تحتاج أن يسألك احد ، لهذا نؤمن انك من الله خرجت"
* تفعيل شخصية التلاميذ في مناخ به محفزات تنتج في إطار الحوار (أنظر ذهبي الفم عظة على مزمور PG55,226,MH) هكذا كان الحوار يؤّمن الحرية، حرية العقل والكلمة وكان يدفع الفرد لأن يختار ويُقيم بنفسه الأمور
[1] Marsall,P.J. Dialogical Pedagogy in Teacher Education, Journal of Teacher Education, MayـJun 1994, vol.45, no3, P.172
[2] Kohl, H. Growing Minds on Becoming a Teacher, Harper & Row, N. York, 1984, P.111
[3] Mackie, R. Contributions to the thought of Pavlo Freire, The Continum Publishing Co, N.York. 1981. P.141
[4] Freire, P. Education: The Practice of Freedom, Writers and Readers Publishing Cooperative, London, 1976, P.72
[5] Friere, P. Pedagogy of oppressed, Herder and Herder, N.York, 1970, P.93.
[6] Mclaren, P. Critical Pedagog: Constructing an Arch of social Dreaming and Doorway hope, Journal of Education, 1991, 173 (1), 9ـ34, 21
[7] Kozol, J. The Night is dark and I am far from home, Simon and Schuster, N. York 1990, 71. “Education Takes away from Children”
[8] Mclarem. P. Critical Pedagogy : Journal of Education, 1991, 173 (1), pp.9ـ34.
[9] Νησιςτη, Ν. Ππολεγομενος εις Την θεολογικην γνωσιολογιαν, Αθηναι 1965, σελ.157.
[10] Φραγκοθ Χρ., ψυχο Παιδα γωγικη, Gutenberg, Αθηνα 1984, σ.74
بحسب الأناجيل
د. جورج عوض ابراهيم
إن التربية الحوارية أي القائمة على الحوار لها حضور دينامي إذ تساهم بفاعلية ليس فقط في تحقيق الأهداف التعليمية لكن في نمو الشخص المتعلم داخل مجتمع المتحاورين.
أولا: مفهوم الحوار
هوالحوار في المفهوم التربوي هو أساس لتشكيل نظام العملية التعليمية في مجال العمل التربوي والمعروف بالتربية الحواريةDialogical Pedagogy[1]
الحوار هو اشتراك فعّال لأشخاص في مناقشات مستمرة منظمة يسمحون فيها بسماع آراء مختلفة للمتحاورين على مواضيع محددة مما يترتب عليه نمو مواقف وآراء جديدة[2]. والحوار يهدف إلى تحقيق التواصل بين المتحاورين بشرط توفر رغبة المتحاورين لهذا التواصل الشخصي فيما بينهم لاكتساب خبرات جديدة نتيجة لهذه العلاقة الديناميكية فيما بينهم. الحوار يقدم فرص لنشاط ثقافي تجديدي ذات ملمح وجودي. فالمعلمين والمتعلمين يشكلون معًا العملية التعليمية التي تهدف إلى بناء فكر مشترك لحالة جديدة. وكما وصف :Freire " الحوار ليس هو طريقة تناول الأسئلة الحيوية التي تخص الحياة المدنية لكن كل مظاهر وجودنا. يكتسب الحوار فقط بفضيلة الإيمان أهمية ديناميكية، بالإيمان بالإنسان وإمكانياته، بالإيمان بأنني أستطيع أن أكون نفسي، عندما يكونون الآخرون أنفسهم"
ثانيا: ملامح الحوار
1ـ الفعل الحُر Free act
2ـ الشركة والتواصل Socializing لأنه يتطلب أكثر من شخص.
3ـ الإيجاز Inclusive لأنه يسمح بمشاركة كل الذين يرغبون الحوار في مجموعة محددة.
4ـ فرض قوانين لإجراء هذا الحوار Normative لأنه يتأسس دائما على أسس ليكون له فاعلية.
5ـ تقديم اقتراحات Propositional وليس أوصاف ، لأنه يخلق مناخ لموضوع يشترك فيه المتحاورون الذين يرغبون في المناقشة.
6ـ القوة المغيّرة (التشكيلية) Transformative لأنه ينتج عنه معرفة جديدة تمنح إمكانيات وقدرات جديدة وتخلق واقع جديد يؤثر على طريقة حياة وعمل الإنسان في العالم[3]، لأن الحوار له أساس كياني يخلق إمكانية في الإنسان ليتناقش ويُعيد تشكيل العناصر الحقيقية لهويته ويساهم هكذا في تغيير العالم[4].
7ـ الحوار يُنشئ شوق ورغبة للمتحاورين للتوافق والاقتراب والانعطاف فيما بينهم بهدف الارتفاع المشترك (السمو) للمبادرات والمسئوليات لكي يؤثرون على مجتمعاتهم مقدمين لهم تغييرات مرجوة لتحسين واقعهم الاجتماعي.
ثالثًا: شروط الحوار أو مستلزمات الحوار
الحوار لا يعمل من تلقاء نفسه أو بطريقة آلية لكن يتطلب وجود شروط معينة لكي تكون له فاعلية:
أـ يتطلب الحوار موقف شخصي على أفكار معينة أو مفهوم معين بهدف تغيير أفكار ومثاليات كفرصة للإشتراك والتواصل.
بـ يعتمد الحوار على تنازل المتحاورين للمشاركة والمساهمة في إجراء هذا الحوار.
جـ يجب على المتحاورين أن يدركوا أنهم سوف يكتشفون ـ من خلال نتائج الحوار ـ مفاهيم جديدة عليهم.
دـ الحوار يتطلب وجود مقدرة نقدية وإبداعية ، فالأولى هي ضرورية لأنها تجعلهم قادرين أن ينزعوا الأسطورة عن الواقع الاجتماعي ويقدمون فرصة دخول إلى مراحل مختلفة للمعرفة، بينما الثانية هي ضرورية لأنها تساهم في إعادة بناء حالات داخلية بأفكار دقيقة ومعارف تفتح حدود جديدة للعمل.
وـ لا يمكن أن يوجد حوار بدون التواضع والاحترام[5]، لأنه بدونهما يسقط الحوار في الغيرة والمهانة.
رابعا: تطبيق التربية الحوارية
أ ـ موضوع الحوار
ب ـ حدود الحوار
ج ـ حقوق المتحاورين
اـ موضوع الحوار: لأن التربية الحوارية تهدف إلى تفعيل وتعضيد الإمكانيات والمهارات للإمكانيات المتنوعة التي تحيط الإنسان فموضوع الحوار يمتد إلى كل مظاهر حياة الإنسان ككائن جسدي ونفسي ، فمواضيع الحوارتنبع من كل مجالات خبرة المتعلمين (التلاميذ) المعيشية لحياتهم البشرية مثل:
1ـ من البيئة الاجتماعية والثقافية[6]
2ـ من الإيمان الديني
3ـ من المشكلات الشخصية التي تنشأ عادة من:
* الأزمات الشخصية
* المشاكل العائلية
* المشاكل الاقتصادية والسياسية
* أزمة القيّم لمجتمع معين.
لقد أستقى المسيح دائمًا مواضيع تربيته الحوارية من بيئة تلاميذه الاجتماعية والثقافية، لذلك لجأ المسيح إلى العناصر الثقافية لحياة المجتمع العبري، وكان هذا هو "منهجه" أو "أسلوبه" التربوي اليومي. ومن الجدير بالملاحظة أن تقول أن العناصر التي كانت تعبر عن حياة تلاميذه الاجتماعية والثقافية كانت تتدفق من التقليد الديني للشعب في فلسطين. الأمر الذي أنشأ احتواء مشترك بين القيم الثقافية لهذه المنطقة والقيم الدينية التي أثرت وشكلت على مبادئ الحياة لأعضاء المجتمع العبري.
لذلك سوف نضع مواضيع حوارات المسيح التي استقاها من خبرات تلاميذه المعيشية.
مواضيع حوارات المسيح من البيئة الإجتماعية والثقافية العبرية:
أولا: من البيئة الاجتماعية
* شفاء المرأة المنحية (لو 134: 10ـ19)
* شفاء إنسان مُستسق (لو 14: 1ـ7)
* حول إعلان فضيلة الصدق والمحبة وحفظ المعروف، المرأة الخاطئة التي دهنت رجلي المسيح بالطيب (لو 7: 36ـ50)
* حول علاقة الخطاة بالأبرار (مر2: 15ـ18)
ثانيًا: الإيمان الديني
الحضور الديناميكي للديانة متسع في كل مرحلة من الحياة البشرية وتغطي كل مناحي الحياة، ويؤثر على الواقع التاريخي للإنسان ليس فقط كفرد منعزل ، لكن كعضو في المجتمع . الديانة تعمل كعنصر لانضمام الفرد في مجموعة اجتماعية معينة، وفي نفس الوقت هو عامل مؤثر على الروابط الاجتماعية ، خاصة تأثير الديانة على التربية حتى أنه يتطابق مع التربية في أغلب الأحوال.
مواضيع المسيح الحوارية من الإيمان الديني:
* عن حول الصيام (مت9: 14ـ17)
* عن راحة السبت (مت 12: 1ـ14)
* عن التقليد الديني (مت : 1ـ20)
* عن الحياة الأبدية (مت 16:9)
* عن القيامة (مت 22: 23ـ33)
* عن عبادة الله (يو4: 1ـ25)
ثالثًا: مشاكل شخصية
اللجوء إلى المشاكل الشخصية في التربية الحوارية لأجل تسهيل المواضيع هو أمر معتاد. الإستفزازات المباشرة للمشاكل الشخصية يضمن مشاركة حماسية للتلاميذ وتساهم في الرضى الفعال للأهداف التعليمية.
مواضيع المسيح الحوارية على أساس المشاكل الشخصي:
* تزعزع العلاقات الشخصية ـ عن الغفران (مت18: 21ـ35)
* أزمة العلاقات الزوجية ـ عن الزواج والطلاق (مت 19: 3ـ12)
* معيار التفوق الأخلاقي في ملكوت الله ـ عن التواضع والبراءة (مت18: 1ـ20)
* مناقشات وجودية ـ عن خبز الحياة (يو6: 22ـ59)
بـ حدود الحوار
التربية الحوارية تتأسس على الفكر التقليدي للتعليم والتعلم والتي تشمل : اـ التحديد المسبق للمستوى الأول والأسمى للانطلاق ونمو التعليم وذلك بواسطة أسس (شروط) أو مبادئ العملية التربوية.
(ب) خصوصية تلاميذ ذات نظام مدرسي معين
عامل آخر يُحجم الحوار هو الفكر التقليدي للتربية كإجراء للمعارف المخزنة “Depository” ، والتي فيها يأتي التلاميذ إليها كمعارف متقولبة. في هذه الحالة يسقط الحوار إلى عمل آلي سؤال \ إجابة. في هذه الحالة يتم طرد ملامح أساسية مثل ملامح الإبداع والعمل المشترك، بناء المعرفة، تحضير قدرات وإمكانيات التلميذ.
أيضًا عدم احترام التلميذ والتقليل من شأنه “devaluation” واعتباره أنه متلقي سلبي للمعرفة وليس عامل يساهم في العملية التعليمية. ويصبح تقييم التلميذ على أساس كمية المعارف المخزنة (المحفوظة). في هذا الإطار تشجع هذه التربية على مشاركة التلميذ ويغيب عنها كل الملامح الديمقراطية للعملية التعليمية[7].
هكذا التربية التي تتأسس على المعارف المخزنة هى كنتيجة حرمان التلميذ من الحرية والمشاركة . أيضًا هذه التربية تعلم التلاميذ أن المعرفة هي ملك المعلمين . ويدركون بأنفسهم كأن الجهل يستولى عليهم لدرجة أنه يتشكل موقف سلبي داخلهم تجاه المعرفة.
أيضًا عنصر آخر هو الخوف الذي ينتاب المشارك في الحوار نتيجة النقد اللاذع الذي يعرض له في الماضي لأنه عبر عن رأيه في مرة سابقة، هكذا فقد الثقة في معلمه كل هذا يخلق مناخ مليء بالقلق والشد العصبي.
حقوق المتحاورين
يجب أن تتوفر ثلاثة مبادئ من أجل تحقيق حوار تربوي تعال ، وهم :
1ـ حق الحديث يمثل الشرط الأساسي في تعليم الحوار . يجب على المتحاورين أن تتوفر لهم إمكانية لتعبير عن آرائهم بحرية، عرض أسئلة، نقد بناء والعمل على أتساع (امتداد ) الحوار على أساس تقديراتهم الشخصية لأفكار الآخرين.
2ـ حق في عدم الإجابة هو حق جوهري في التربية الحوارية
قرار أن يظل المرء صامت في إطار الحوار له قيمتين داخليتين:
* هو دلالة لفكر نقدي وتشكيل قرار
* هو شكل قبول واحترام لرأي الآخر.
3ـ حق تقنين إجراء الحوار يسمح للمتحاورين أن يُذّكرون الآخرين بحقوقهم ، على سبيل المثال في حالات عدم الاستعداد لسماع آراء الآخرين. حفظ هذه الحقوق له أهمية فعالة لأنه ينقذ الحوار من الانحرافات والتغيرات والتي ممكن أن يسبب عوامل تاريخية وثقافية أو تمييزات جنسية[8].
المسيح دافع عن هذه الحقوق
* حرية التعبير عن الرأي (أنظر مت 15:16، يو 34:12)
* الاعتراف بحق الحديث إلى تلاميذه (مت 19: 16ـ30)
* اعتراض المسيح على اللطمة التي قبلها في إطار الحوار (يو 18: 19ـ23)
* الصمت – مغادرة الشاب الغني من الحوار مع المسيح (مت 22:19)
* صمت المسيح أثناء حديثه مع بيلاطس على السؤال الأخير (يو19: 9ـ10)
الحوار في إطار المعرفة المسيحية لا يصير مفهومًا لتبادل آراء وصياغة مواقف من جانب المتحاورين. "الآخرون" المتحاورين يقومون بإجراء شركة حتى ينتهوا إلى "مشاركين" طالما أن المعرفة تؤدي إلى علاقة جديدة[9].
إن الحوار له أساس وجودي لأنه بواسطته يستطيع الأفراد أن يؤكدون أهميتهم كموجودات بشرية. من هذا المنطلق الحوار له تأثيرات ظاهرة على التلاميذ وأيضًا على إدراكهم بينما في نفس الوقت يُظهر قناعتهم وخصوصيتهم.
على أساس هذا الاعتقاد عندما يحدد أو يعين أو يهدف الحوار إلى تعبير سماع مسئول عندئذ كنتيجة لديه إعلان واكتشاف للمتحاورين . وفي هذه الحالة الله المعلن يُكتشف من جانب الإنسان.
الحوار في تعليم المسيح يبدو أنه يقود إلى تشكيل علاقة حوارية لها بُعدين: الأول: العلاقة بين الله والإنسان، والثاني: بين الإنسان وأخيه والأخير هو شرط لوجود الأول (أنظر ذهبي الفم ، تفسير يوحنا، عظة PG59,191 :82).
ويستطيع المرء بسهولة أن يميز من الحوار :
الأول: حوارات نقدية والثاني: حوارات تعليمية
1- الحوار النقدي
هذا المستوى من الحوارات يظهر في إنجيل مرقس بطريقة مؤثرة في (مر2: 1ـ36)، 11: 27ـ33، 12: 13ـ34) و (مر3: 22ـ30، 7: 1ـ23). ملمح هذا الحوار الأساسي هو أن المسيح يصّد بحسم خصومه، رؤساء اليهود والكتبة والشيوخ ، أعضاء مجمع أورشليم (مر11: 27ـ33، 12: 1ـ12)، الفريسيين والهيروديسين (مر12: 13ـ17)، الصدوقيين (مر12: 18ـ27)، والكتبة (مر 12: 28ـ34).
هذا الشواهد تقدم صورة للمسيح مختلفة تمامًا عن تلك الصورة التي نتجت عن حوارات شبيهة . المسيح يُعلن كمجادل ماهر متجاوب تمامًا على تطلعات الموضوع المثار أو على مستوى تفكير سائليه . لقد تحرك المسيح بسهولة على نفس مستوى خصومه الذين كانوا ينتمون إلى طبقة المفكرين.
الصورة العامة التي شُكلت من خلال الحوارات النقدية هي صورة معلم كفء شجاع يفسر مستندًا على مبررات نقدية التقليد مستخدمًا مصداقية شخصيته القوية.
بـ حوارات تعليميه
الملح الأساسي لهذه الحوارات هو رفض يسوع قبول أفكار المتحاورين معه الذين يريدون أن يجذبوا المسيح إلى معتقداتهم في المواضيع التي يتناقشون فيها معه.
أيضًا ترى المسيح في هذه الحوارات يورط محدثيه بطريقة شخصية عكس ما كانوا يتوقعون إذ تطلعهم أن يورطوه على المستوى الشخصي ، على سبيل المثال في مر10: 17ـ21.
"وفيما هو خارج إلى الطريق ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية. فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحًا. ليس أحد صالحًا إلا واحد وهو الله. أنت تعرف الوصايا. لا تزن . لا تقتل. لا تسرق. لا تشهد بالزور. لا تسلب أكرم أباك وأمك. فأجاب وقال له يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثتي. فنظر إليه يسوع وأحبه وقال له يعوزك شيء واحد . أذهب بع كل مالك وأعط للفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني حاملاً الصليب" أيضًا أنظر (مر35:10، 11: 12ـ25) أيضًا مثال آخر في إنجيل لوقا (13: 1ـ3):
"وكان حاضرًا في ذلك الوقت قوم يخبرونه عن الجليليين الذين خلط بيلاطس دمهم بذبائحهم . فأجاب يسوع وقال لهم أتظنون أن هؤلاء الجليليين كانوا خطاة أكثر من كل الجليليين لأنهم كابدوا مثل هذا . كلا أقول لكم . بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" لو13: 1ـ3. (أيضًا أنظر لو20:17ـ21)
أيضًا ملمح آخر في هذا الحوارات هو مقدرة يسوع المعلم أن يعطي قيمة لحدث أو دافع مهمش لكي يُخرِج مثال جريء (إصحاح 11 في انجيل متى) ، من خلال سؤال يمكن أن يقود مستمعيه إلى حيرة شديدة.
الملمح الأخير والهام هي أن في حوارات المسيح التعليمية نجد هدف العمل التربوي المحدد الذي يريد أن يقدمه المسيح لمحاوريه على سبيل المثال :
1ـ في حواره مع التلاميذ: أنظر مت13:16، "من يقول الناس إني أنا إبن الإنسان" (أيضًا أنظر مت 17: 14، 17: 20)
2ـ مع المقعد قال له في يو14:5: "فلا تخطيء أيضًا لئلا يكون لك أشر
3ـ مع المولود أعمى في يو 9: 1، "أنا هو نور العالم"
4ـ مع السامرية في يو24:4، "الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا "
5ـ مع نيقوديموس في يو 3:3 ، "إن كان أحد لا يُولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله"
6ـ مع الكتبة والفريسيين في يو7:8، "من منكم بلا خطية فليرمها بحجر"
مميزات النموذج الحواري في تعليم المسيح
* التعليم يُبنى على خبرة التلميذ ويهدف إلى اكتشاف الحق ، على سبيل المثال في مت 24: 32ـ33، "فمن شجرة التين تعلموا المثل . متى صار غصنها رخصًا وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف قريب. هكذا أنتم أيضًا متى رأيتم هذا كله فأعلموا أنه قريب على الأبواب".
* المعلم يصير معاونًا ويشترك في التفسير والبحث، على سبيل المثال في لو 24: 31ـ33، "فانفتحت أعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما. فقال بعضهما لبعض ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب . فقام في تلك الساعة ورجعا إلى أورشليم ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم"
* التلميذ يتعلم منطلقًا من مقدراته الخاصة ويشعر أنه راضي عن نفسه، عندما ينقاد بمساعدة المعلم لكي يكتشف الحق (الحقيقة).
* الحوار يتم في جو الحرية ومساواة ، على سبيل المثال في مت 13:16، "ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلا من يقول الناس أني أنا ابن الإنسان ...."
* استخدام مفاهيم وكلمات معروفة في الوسط المحيط : قال للتلاميذ الصيادين " أجعلكم صيادي الناس"
* الحوار يُركز في نقطة صراع محورها عندما تذهب المداخلات والمناقشات التي تنتهي وتسبب في تعب المتحاورين ، "أعطوا ما لقيصر وما لله لله" لو 25:20.
* الحوار واضح ومحدد: "ثم قال يسوع أسألكم شيئًا. هل يحل في السبت فعل الخير أو فعل الشر. تخليص نفس أو إهلاكها" لو9:6.
* الإجابة تُعطى من يسوع المعلم عندما ينقاد التلاميذ إلى اللا مخرج (المأزق) ، غير ذلك يُعطى بواسطتهم هم أنفسهم : "ولما كان وحده سأله الذين حوله مع الأثني عشر عن المثل فقال لهم قد أُعطى لكم أن تعرفوا سر ملكوت الله. وأما الذين هم من خارج فبالأمثال يكون لهم كل شيء" مر10:4
* الحوار يؤّمن مناخ لنمو العلاقات الشخصية : "يا سيد أرى أنك نبي" يو19:4.
* يساهم في خصوبة السائل ونضج الإبن الروحي :"الآن نعلم أنك عالم بكل شيء ولست تحتاج أن يسألك احد ، لهذا نؤمن انك من الله خرجت"
* تفعيل شخصية التلاميذ في مناخ به محفزات تنتج في إطار الحوار (أنظر ذهبي الفم عظة على مزمور PG55,226,MH) هكذا كان الحوار يؤّمن الحرية، حرية العقل والكلمة وكان يدفع الفرد لأن يختار ويُقيم بنفسه الأمور
[1] Marsall,P.J. Dialogical Pedagogy in Teacher Education, Journal of Teacher Education, MayـJun 1994, vol.45, no3, P.172
[2] Kohl, H. Growing Minds on Becoming a Teacher, Harper & Row, N. York, 1984, P.111
[3] Mackie, R. Contributions to the thought of Pavlo Freire, The Continum Publishing Co, N.York. 1981. P.141
[4] Freire, P. Education: The Practice of Freedom, Writers and Readers Publishing Cooperative, London, 1976, P.72
[5] Friere, P. Pedagogy of oppressed, Herder and Herder, N.York, 1970, P.93.
[6] Mclaren, P. Critical Pedagog: Constructing an Arch of social Dreaming and Doorway hope, Journal of Education, 1991, 173 (1), 9ـ34, 21
[7] Kozol, J. The Night is dark and I am far from home, Simon and Schuster, N. York 1990, 71. “Education Takes away from Children”
[8] Mclarem. P. Critical Pedagogy : Journal of Education, 1991, 173 (1), pp.9ـ34.
[9] Νησιςτη, Ν. Ππολεγομενος εις Την θεολογικην γνωσιολογιαν, Αθηναι 1965, σελ.157.
[10] Φραγκοθ Χρ., ψυχο Παιδα γωγικη, Gutenberg, Αθηνα 1984, σ.74
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق