1-دخول يسوع الإنتصاري إلي أورشليم دكتور ج। باترونس جامعة اثينا-ترجمة د جورج عوض
२- تطهير الهيكل من التجار واللصوص
३- تيبس شجرة التين تلك الأحداث التي أعطت دافع نهائي لإضطهاد يسوع المباشر وسجلت "بداية النهاية" كانت حادثتي "الدخول الإنتصاري" إلي أورشليم وحادثة "تطهير الهيكل"। الحدث الأول له أهمية لاهوتية وماسيانية ولأجل هذا أُشير إليهما تحليليًا وكاتبي الأناجيل الأربعة (مت1:21ـ17। مر1:11ـ11। لو29:19ـ44। يو12:12ـ19)। كان لدي يسوع تأكيد تام, بأن ملء الزمان وصل وأن النبوات المسيانية كان ينبغي أن تتحقق "علنيا", أمام أعين الشعب والرؤساء. إذن, قرر هذه المرة أن يدخل مدينة داود وبيت يهوذا بكونه الماسيا تحت تهليل الشعب معطيًا في نفس الوقت هكذا "درس" لقناعاته المتعلقة بشخص الماسيا وهيئة حياته. في الطريق من بيت عنيا تجاه أورشليم وعلي بعد مسافة صغيرة من بيت فاجي علي جانبي جبل الزيتون, أرسل يسوع إثنين من التلاميذ لكي يحضروا جحش إبن أتان لكي يجلس فوقه ويأتي في موكب نصرة إلي المدينة المقدسة. يسوع في دخوله صاحبة جمع كبير من البشر وكثيرون من "الجمع الأكثر فرشوا ثيابهم في الطريق. وآخرون قطعوا أغصانًا من الشجر وفرشوها في الطريق" (مت8:21). هذا الجمع الغفير قد أتي من الجليل ليسجد في الهيكل وأيضًا ليري لعازر عن قرب في بيت عنيا, والذي قد أقامه والآن مع التلاميذ رافق أيضًا يسوع إلي أورشليم (يو17:12). وحضور لعازر في كل الموكب أغضب الكتبة والفريسيين. وخاصةً رئيس الكهنة الذي أتي من فريق الصديقيين والذي عن قناعة لا يقبل فكرة القيامة عمومًا, علي الأكثر قيامة شخص معين (أنظر مر18:129). منظر الجمع الذي أتي ليؤكد قيامة لعازر والمعجزات التي فعلها يسوع, أيضًا أغضب بالأكثر الرؤساء (أنظر يو18:12). رغبة رئيس الكهنة في تلك اللحظة كانت أنه من الممكن القبض مباشرةً علي يسوع ولعازر ويقوده إلي الموت, لكي يُقنع العالم أن لا أحد يستطيع أن يسيطر علي الموت وان هذان الأثنين "أنُاس القيامة" يخضعون إلي مصير كل البشر وأيضًا بطريقة تراجيدية. وقتذاك, أى أفكار ووقائع وقناعات عن القيامة سوف تظهر كأنها أباطيل. بعض المعجزات (الآيات) هي بالحري هامة هنا من النصوص الإنجيلية المؤرخة لها. فروع السعف والأغصان التي كانت في أيدي الجموع (يو13:12), ترمز أساسًا للفوز والإنتصار بمفهوم أُخروي (أنظر سفر الرؤيا 7:9) تجاه نفس الإتجاه يمكن أن يُفسَّر أيضًا محتوي المزمور: "لَصِقَتْ بِالتُّرَابِ نَفْسِي، فَأَحْيِنِي حَسَبَ كَلِمَتِكَ" (مت9:21. مز25:119,...الخ). "هوشعنا" لها مفهوم الهتاف بالحياة, وأيضًا إستدعاء للخلاص. ليس واضح من النصوص, ما إذا كان الشعب إعتبر يسوع في تلك اللحظة بأنه الماسيا أو كشخص يهيء لمجيء الماسيا. متى الإنجيلي يربط هذا الحدث بنبوة زكريا الماسيانية والذي يري الماسيا كـ "ملك" يأتي و" اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ" (زكريا9:9. مت5:21). يسوع هنا يُهتَّف له كـ "ملك" لكن بالحري بمفهوم الماسيا الروحي وليس العالمي. يسوع, بالطبع كان لديه وعي تام لهذه الحقيقة. عرف كيف أن هذا الشعب الذي الآن يصرخ "أوصنا" يفرش ملابسه في الطريق ليمر كملك ويمسك في يديه فروع السعف, بعد قليل هو ذاته سوف يطلب الحكم عليه بالموت وسوف يصرخ مثلما يصرخ الآن: "خُذه أصلبه" (يو15:19). يسوع وهو واضعًا في حسابه الرؤي السياسية العامة للشعب والميول القومية لتلك اللحظة, بعمله إذ إستخدم جحش كركوبة لكي يدخل إلي المدينة المقدسة, ربما أراد يجعل هذه الأفكار الماسيانية العالمية هي أفكار كوميدية. لأنه, ما نوعية الملك, هذا الذي يدخل علي جحش لكي يكون "دخول إنتصاري" إلي قلب اليهودية المقدس وعاصمة أورشليم؟ ملوك تلك البلاد كانوا يستخدمون عادةً أحصنة مزينة ومشهورة في الحروب بعربات رئاسية مع فرسان يصاحبونهم. إنه من المعروف, ان مرقس الإنجيلي لا يتحدث أبدًا في نصه الخاص بهذا الأمر عن الجموع ولا عن دخول إنتصاري. يشير علي الأرجح لزيارة فاضلة ومعتادة ومتواضعة ليسوع مع تلاميذه إلي هيكل أورشليم وإرتحال مباشر وأيضًا تجاه بيت عنيا "فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ" (مر11:11). يبدو, أيضًا, من الأوصاف, أن كل هذا "الدخول الإنتصاري" ليس له أي أهمية عامة ولا يعني شيء للسلطة السياسية, طالما لم يخلق أي مشكلة لهؤلاء الذين هم مسئولون عن حفظ النظام خاصةً الآن حيث كانت أيضًا فترة تدفق كبيرة للزائرين بسبب أعياد الفصح. لكن إنزعجت الرئاسة الدينية, لأن "دخول" يسوع بتسابيح ومزامير, بالسعف وأغصان الزيتون, أخذ ملمح ديني وماسياني. الرسالة التي أراد أن يرسلها يسوع صارت مدركة من الشعب وزعامته الدينية. هذا المحتوي اللاهوتي للنصوص عن دخول يسوع إلي أورشليم لا يمكن بسهولة أن يتغافل عنها أحد, خاصةً عندما تُوضع تحت نور النبوة القديمة.هذا اليوم المحدد "للدخول الإنتصاري" لا نعرف ما أذا كان المسيح كرز في الهيكل, كما إعتاد أن يفعل في كل زياراته। لا أحد من الإنجليين أعطانا معلومة عن هذا الأمر। مرقس الإنجيلي أشار فقط إلي أن يسوع بعد زيارته للهيكل إرتحل مباشرة مع تلاميذه إلي بيت عنيا, لأن الوقت كان متأخرًا جدًا (مر11:11). هذه المعلومة تعطينا حلاً لمشكلة وقت حادث آخر, "تطهير الهيكل" هكذا الحدث الثاني صار غالبًا في اليوم الثاني يوم "دخوله الإنتصاري" كما سُجلت في إنجيل متى ولوقا, اللذين يرويان الحدث مع بعضهما بإنفصال الحادثين هذا, بحسب إنجيل مرقس, يتجانس أيضًا مع حادثة تيبس شجرة التين, حادث ثالث وارد عند متى ومرقس (مت18:21ـ19. مر12:11ـ14). تيبس شجرة التين: حقًا, بقي يسوع أيضًا ليلة في بيت عنيا, إنطلق في صباح آخر وأيضًا مع تلاميذه إلي أورشليم, بهدف هذه المرة أن يتحدث في الهيكل للشعب, الأمر الذي كان لا يمكن أن يفعله في اليوم السابق, بسبب المشاكل الخاصة التي نشأت من "الدخول" والوقت تأخر في هذا اليوم الجديد علي الطريق رأوا شجرة تين بأوراق كثيرة, لكن بدون ثمار, والتي يبست بقول المسيح: "لا يكن منك ثمر بعد إلي الأبد" (مت19:21). كل الحدث مع إرتباطه أيضًا بالمناخ الذي ساد في تلك الأيام, اخذ ملمح إعلاني تمامًا. شجرة التين كـ "شجرة إعلانية" دائمًا في العهد القديم وأيضًا في العهد الجديد. الله يطلب ويتقابل مع الأنبياء ورعاه الشعب عادةً تحت شجرة تين أو في كرم حيث هناك يجد البشر راحة (أنظر 1مكابين12:14. ميخا4:4. زكر10:3). يسوع يتقابل مع تلميذه نثنائيل "تحت شجرة التين" وزكا العشار فوق شجرة تين (يو48:1. لو4:19). والآن بتيبس الشجرة يريد يسوع أن يُظهِر أن العالم أتي بالفعل إلي وقت "النهاية". الهدف اللاهوتي لهذا الحادث لا يمكن أن نتجاهلة بسهولة. كثيرون من الآباء المفسرون والشُراح الحُداث يذكروا دائمًا رمزية حدث شجرة التين. البعض يتحدث عن الشجرة كمثل عملى. بهذا المفهوم ندرك أيضًا لماذا لوقا الإنجيلي يعطينا بدل هذه الحادثة المحدودة مثال ليسوع يخص شجرة غير مثمرة والتي بينما كانت مزروعة في كرم تحت ظروف حسنة ولم تعط ثمار علي مدار سنوات و صاحب الكرم متحير هل يقطعها أو يخلعها من جذورها (لو6:13ـ9). بكل هذا يريد يسوع أن يُظهِر أن وقت الدينونة قد وصل والدينونة ستصير علي أساس الثمار وليس الأوراق। كل هؤلاء الذين, في النهاية, لا يحملون ثمارًا جديرة بدعوتهم سوف يُرفضون: "وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ" (مت10:13) و "أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ। الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا। إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجًا كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ، فَيَحْتَرِقُ" (يو5:15ـ6)। ولأنه كما أيضًا يشدد مرقس الإنجيلي, وقتذاك "لم يكن وقت التين" (مر13:11). يعني أن يسوع لم يجعل شجرة التين يابسه لأنه لم تعط لهم ثمار لكي يذوقوها, بل لأنه أراد أن يعرض بشدة سواء بالقول أو بالعمل حقيقة قاسية. هذه الحقيقة كانت, أن حوادث الآلام والصلب سوف تُحضِر الدينونة الحقيقية للمؤمنين وللعالم كله. تطهير الهيكل من التجار واللصوص الحادث الهام جدًا والآخير لفترة ما قبل الفصح والذي أزعج الزعامة الدينية لأورشليم وقادت إلي العراك المفتوح والمباشر مع يسوع, كان حادث "تطهير الهيكل" بالفعل قد ورد حادث مماثل "لتطهير الهيكل" في زيارة يسوع الفصحية الأولي وفق الإنجيلي يوحنا حيث طرد يسوع أصحاب الصرافة والتجار (يو13:2ـ22). كثيرون من المفسرين يتحدثون عن حادثين مختلفين, واحد في زيارته الفصحية الأولي وذُكِرت في الإنجيل الرابع (يو13:2ـ22), والآخر في زيارته الفصحية الآخيرة والتي ذُكرِت في الأناجيل الثلاثة الأولي (مت12:21ـ17. مر15:11ـ19. لو45:19ـ48). نعتقد أنهما حدث واحد, حيث يمكن أن يُوضع زمنيًا في الزيارة الفصحية الآخيرة ليسوع مثلما فعل الإنجيليون الثلاثة. لكن يوحنا لأسباب لاهوتية تمامًا يضع حدث التطهير وتجديد الهيكل في بداية نشاطه العلني, لكي يبدو هكذا الواقع الجديد بأكثر شدة حيث يقدم يسوع إلي العالم بكونه الماسيا. وأيضًا الأحداث الأخيرة وعلاقتها ببعض تقنعنا بالأكثر, بأن "تطهير الهيكل" يجب أن يصير تجاه نهاية نشاط يسوع العلني. لأنه أُعتبر كتدخل إستثنائي غير مقبول في سلطان الزعامة الدينية, قاد أيضًا لعراك تام بين يسوع ورئيس الكهنة ومسئولي الهيكل حيث (طالما) يتعرضون بهذا العمل لمجازفة من جانب المصالح الإقتصادية الضخمة. بالتأكيد, الصورة التي سوف يظهر فيها الهيكل في هذه المرة ستكون أكثر رعبًا من زيارة يسوع الرسمية الأولي وهذا المكان المقدس حيث المؤمنون أرادوا له ان يكون بيت صلاة وعبادة لله, قد صار "بيت تجارة" و "مغارة للصوص" (مر17:11)। فعل التدخل هذا ليسوع وُصف بأنه إستفزازي وغير مقبول। لكن أيضًا من جانب إستخدام تعبيرات من أنبياء إسرائيل الكبار, مثل أشعياء وأرميا أثناء تطهير الهيكل ليؤنب سلوكيات الشعب والرؤساء معتبرًا إياها سلوكيات عشوائية ودنسه। لأجل هذا, عندما سمعوا الأقوال النبوية عن "بيت صلاة" (أش6:56) وعن "مغارة لصوص" (أر11:7) وإرتباطهما بالحالة الراهنة, بدأ الكتبة والفريسيون ورؤساء الكهنة يبحثون عن طرق "كيف يهلكونه" (مر18:11). دخول المسيح إلي أورشليم وتطهير الهيكل لهما صدي شديد للتطلعات الأخروية (أنظر زكر9:9. ملاخي1:3,...الخ), ولأجل هذا أخذا بلاشك ملمح ماسياني واضح. التقليد اليهودي يقبل أن الماسيا أثناء مجيئه سوف يمسك في يديه سوط لعقاب الأغنياء الظالمين وحماية المؤمنين الفقراء. وهذا لا يعني عمل إنتقام, بل عمل "إستعادة" و "علامة" للسلطان. تعبير "لا تجعلوا بيت أبي" (يو16:2) ـ ليس "بيت أبوكم" ـ "بيت تجارة" تعبير يحتوي علي إنباء ماسياني واضح. هنا يسوع يستخدم التعبيرات النبوية و "بيت الآب" من المفهوم العام يصير عند متى بوضوح "بيتي" (مت13:21). "بيت الآب" هذا و "الإبن" من الآن فصاعدًا يجب أن يظل "بيت صلاة" وعبادة وليس "بيت تجارة" و "مغارة لصوص" (مت13:21. أش7:56. أر11:7). يتحدث يسوع هنا بسلطان وحق. كانت نتيجة كل هذه الأفعال أن يُدرك نشاط يسوع في الدرجة العليا وفي القلب المقدس لليهودية التقليدية وأمام أعين الرؤساء. بالتالي كان بعد كل هذا خصوم يسوع, الكتبة والفريسيون ورؤساء الكهنة بدأوا ينزعجون بشدة ويفكرون بجدية في خطة للقبض النهائي علي يسوع والتخلص منه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق