الدكتور يوسف القرضاوى وفهمى هويدى وحلول بعيدة عن المواطنة
د। جورج عوض
أحسن الأستاذ فهمى هويدى بتفكيره الدائم من اجل مصر ورفعتها وتقدمها كما عودنا دائما فى كتاباته ولا ينسى احد كتابة المعروف عن الاقباط: مواطنون لا ذميون والتى شدد فيها على مواطنة كل المصريين بلا استثناء. وفى مقالة الثلاثاء 26 ابريل فى جريدة الشروق تحت عنوان: " فى فن التقشف" ناقش فيه مسألة أزمة مصر الاقتصادية وكيفية الخروج من هذة الازمة. وقد سبق وتناقش مع خبراء ومتخصصين واتفق معهم على ثلاثة منطلقات هى : ضرورة مصارحة الرأى العام بحقائق الوضع الاقتصادى ــ أهمية إجراء حوار مع أهل الاختصاص للاتفاق على حلول للأزمة ووضع جدول ترتب فيه الآجال والأولويات ــ عدم التردد فى إعلان سياسة للتقشف تبدأ فيها الحكومة بنفسها بحيث تراجع باب المصروفات لاستبعاد كل ما لا لزوم له، خصوصا ما تعلق بالوجاهات والبذخ والسفرات والحفلات والإسراف فى مكاتب التمثيل غير الدبلوماسى بالخارج.
أثار أولئك الخبراء نقطتين أخريين، الأولى تتعلق بضرورة الحد من سفه الواردات التى أصبحت قوائمها تضم سلعا استفزازية لا حصر لها، لا يعقل أن يكون لها مكان فى مجتمع يواجه أزمة. الثانية تتصل بإيرادات الصناديق الخاصة التى أنشأتها بعض الوزارات والمؤسسات العامة، وقدرت حصيلتها فى السنة المالية الأخيرة بنحو 21 مليار جنيه. وقد رأوا أنها تمثل رصيدا مهولا ينبغى أن يستثمر لصالح التنمية، ولا يترك نهبا للعابثين وأصحاب الأهواء فى كل قطاع. حيث لا رقيب ولا حسيب
فيما يخص هذة الاجراءات التى ينبغى على الحكومة ان تتخذها ، لانستطيع إلا ان نوافق عليها ونطلبها بإلحاح من الحكومة। فنحن نريد كشعب ان تصارحنا الحكومة بحقيقة وضع مصر الاقتصادى لأننا نرفض ان يتستر احد على حقائق بحجة عدم ازعاج الناس وتخويفهم، إذ أن بإسم هذا المبدأ أرتكب النظام السابق جرائم كثيرة خلف الستار। إننا لسنا قاصرون ولا نريد أوصياء علينا لأن الأيام علمتنا – وأظن ان هذا حدث بعد ثورة 25يناير-بأن ليس خفى إلا ويُعلن। أيضا مسألة التقشف أمر صحيح يجب أن نمارسة فى حياتنا لأن التبذير أصبح سمة من سمات حياتنا ، فينبغى علينا ان ننضبط فى كل شيىء ونقوى نفوسنا الداخلية لتفعل سلوكيات التقشف عن قناعة بأن هذا الوقت الذى تمر فيه مصر لا يتحمل سلوكيات استفزازية من البعض منا.
أما ما استنكرة الكاتب فهمى هويدى بخصوص زيارات رئيس الوزراء لبعض دول الخليج لعرض موقف مصر الاقتصادى طلبا للمساعدة وكذلك طلب مساعدة الدول الاوروبية وامريكا ، فإننا نراة استنكار فى غير محلة ، لأن جزء من العولمة والمناداة بأن العالم قرية صغيرة يفترض مبدأ التعاون والتآزر بين الدول وبعضها। فالأقتصاد العالمى لن يكون قويا ومتعافيا الا بالتعاون والتآزر بين الدول وبعضها البعض। وما المنظمات العالمية والمؤتمرات الاقتصادية مثل : دافوس وغيرها إلا لتعميق التعاون فيما بين الدول وبعضها। ولا يقلل من مصر قبول مساعدات او اسقاط ديون او طلب تقسيطها بل هو نوع من تفعيل التعاون والتواصل بين الدول وبعضها وإلا ما معنى مساعدات الولايات المتحدة العسكرية للجيش المصرى والتعاون بينهما فى مجال التدريب وغيرة। لكن نفهم هذا الاستنكار إن كان الغرض من ان نسعى نحن بحل مشاكلنا بأنفسنا ، وحتى لو كان هذا صحيحا إلا ان هذا لا يمنع طلب المساعدات من دول أخرى بحكم وجودنا كلنا فى نظام عالمى نلتزم به ، فالتعاون المشترك مطلوب وبالحرى فى وسط الازمات।
كشف أيضا الكاتب الكبير فهمى هويدى من خلال مقاله "فى فن التقشف"، عن فتوى حصل عليها من الشيخ يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، يمكن بمقتضاها أن توفر مصر حوالى 2 مليار دولار، عن طريق دعوة الراغبين فى أداء العمرة أو الحج إلى توجيه المبالغ التى خصصوها لهذا الغرض لصالح صندوق يدعم اقتصاد البلد فى الظروف الراهنة
وأشار هويدى إلى أنه توجه بالسؤال التالى إلى الدكتور يوسف القرضاوى: هل يجوز دعوة الراغبين فى أداء العمرة أو الحج إلى توجيه المبالغ التى خصصوها لهذا الغرض لصالح صندوق يدعم اقتصاد البلد فى الظروف الراهنة؟ وما مصير العمرة أو الحجة فى هذه الحالة؟ وهل يدخل دعم اقتصاد البلد ضمن مصارف الزكاة التى يتعين على المسلمين الوفاء بها؟
وأكد هويدى، أن إجابة الدكتور القرضاوى كانت كالتالى: إذا حل ظرف طارئ ببلاد المسلمين عانت فيه من الشح فى الموارد المالية، فلولى الأمر أن يقيد العمرة، لأنها نافلة وليست فرضاً، ويسرى ذلك أيضاً على حج التطوع، الذى يعد نافلة بدوره (المسلم مكلف بحجة واحدة وما زاد على ذلك تعد نافلة)، والقيد هنا ينصب على الحالة التى يدفع فيها الراغب مالاً للحج أو العمرة، ولا يشمل ما كان منها بالمجان.
.
والسؤال الذى يفرض نفسه : هل هذا الطرح الذى يصتبغ بالصبغة الدينية هو فى إطار المواطنة؟ ماذا عن مشاركة غير المسلم فى حل أزمة بلدة؟ أليس اللجوء إلى الشيخ القرضاوى فى أمر مثل هذا هو ترسيخ لدولة دينية تبعد عن المواطنة؟ هل مشكلة اقتصادية مثل هذة نلقيها للشيخ القرضاوى ليحلها وأساتذة الاقتصاد يكتفون بأخذ أفتاء لحلها ؟ ماذا عن المشاكل الاخرى التى قد تكون علمية او إجتماعية او بشأن علاقاتنا مع المجتمع الدولى هل سنلجأ للشيخ القرضاوى وأمثاله؟ ما معنى الدولة ونظامها وقوانينها إذا كُنا سنلجأ للمشايخ فى كل كبيرة وصغيرة؟؟؟ قد يبدو ان هذا الحل الذى طرحه كاتبنا الكبير هو حلا عبقريا لكن لماذا لا يكون الحل وطنى ويشارك فية كل المصريين بشتى انتمائاتهم كان ينبغى ان يخرج علينا كاتبنا بأن الدولة سوف تطرح سندات لتعضيد اقتصاد مصر تبدأ بخمسون جنيها وتتصاعد وعلى كل المصريين ان يشتروا هذة السندات وخصوصا رجال الاعمال الذين كسبوا وعملوا واستفادوا من النظام السابق وكل فئات الشعب: المهندسون والمقاولون والاطباء والمحاسبون الذى استفادوا من النظام السابق، إنها أشبة برد الجميل لمصر والوقوف معها فى ازمتها التى هى ازمة الكل بلا استثناء. أما توجية خطاب الى فئة دون غيرها وكأن هذة الفئة يعنيها أمر هذا البلد والباقون لا يعنيهم هذا الامر ، فهذا خطأ كبير فكما إجتزنا كلنا مسيرات الحروب والسلام ، هكذا أيضا نريد ان نفعل نفس الشىء معا من منطلق المواطنة. هل يعقل ان يقول الشيخ قرضاوى: إذا أودع المسلم حصته من المال فى هذه الحالة بعد أن عقد نيته على السفر، فإن العمرة أو الحجة تحسب له، أما توجيه الزكاة لصالح إنقاذ اقتصاد البلد المسلم أو حتى تنميته والوفاء بحقوق أهله، فذلك مما يعد فى سبيل الله، الأمر الذى يدخل ضمن المصارف الشرعية المعتبرة . كلام فضيلة الشيخ يمرر لنا رسالة مفادها ان هذا البلد هو بلد مسلم مقصياً بذلك الآخرين من المواطنة . أرجوا من كُتابنا الافاضل تفعيل قيم المواطنة التى تتطلب ان يتحمل الجميع مسئولية هذا الوطن ويسير الكل معا فى السراء والضراء ويكون شعارنا العملى هو كلنا يد واحدة وفكر واحد وهدف واحد لأجل عزة وكرامة وتقدم ورُقى مصر التى فيها الدين هوعلاقة شخصية بين الانسان والله والوطن هو للجميع .
.
.
ارى ان الجميع يتسابق لأخذ مساحة على الأرض لعرض أفكارهم ولأثبات وجودهم ولذلك يتدخلون فى السياسة والأقتصاد والأعلام وكل مناحى الحياة ليبقوا على الصورة دائما ويتعود الناس على اشكالهم ويتبع ذلك التعامل اليومى مع فئات المجتمع خاصة ذوى الأمية والفقر حتى قبل الأنتخابات للوصول للحكم واقامة الدولة الدينية وينتهى حلم المدنية ونحيا الحرب الأهلية
ردحذف