الخميس، 7 أبريل 2011

حان الوقت للتغيير: لا سلطان لأحد عليك



حان الوقت للتغيير: لا سلطان لأحد عليك
  د। جورج عوض ابراهيم
 لن تكون لثورة 25 يناير اي فاعلية ان لم نتغير نحن تغييراً داخليا ً وجذرياً. ينبغى علينا ان نجرب التغيير ونرغب فية لنجنى الثمار الفعلية لهذة الثورة، قال بيلاطس ليسوع: " ألست تعلم أن لى سلطانًا أن أصلبك وسلطانًا أن أطلقك" أجاب يسوع: " لم يكن لك علىَّ سلطان البتة لو لم تكن قد أُعطيت من فوق " (يو10:19ـ11). إن كنت تحيا لكى تُرضِ شخص آخر، حتمًا ستشعر بأنك لم تحقق شيئًا فى حياتك. لماذا؟ لأنك إذا فعلت شيئًا لأن الآخرين يريدون ذلك فمن السهل أن تفقد الصِلة مع ذاتك، وتنسى مَنْ أنت. والأمر الأخطر هو أنك تؤسس احترامك لذاتك على استحسان شخص آخر. والأكثر خطورة هو أنك تعيش لكى تُرضى الآخرين، مع أنك لن ترضيهم بتاتًا. وحتى لو نجحت فى إرضائهم فإنك لن تشعر بذاتك وتفتخر بها لمجرد أنك تنال رضائهم عنك. وسوف تكتشف بعد سنين أنك قدمت نفسك ضحية لأجلهم وأنك أفلست عاطفيًا وأنك بمفردك وأنهم انفضوا من حولك بالرغم من محاولاتك البطولية التى بذلتها لكى تسعدهم. وللأسف عندما يكتشف المرء فى أنه فشل فى إرضاء الآخرين يخجل من التصريح بأنه محتاج إلى الحب، وفى نفس الوقت لا يستطيع أن يحقق تطلعات الآخرين وهكذا ينزلق إلى ممارسة عادات مدمرة.
 نحن نحتاج أن نجرب بعض الطرق ونتخذ بعض المواقف التى يمكن أن تكون مختلفة عن تلك التى لدينا الآن. يمكن لنا أن نبدأ فى التغيير. إن كانت لدينا مشاكل فهذه المشاكل لم تصيبنا صُدفة ولا هى مجرد مآسى هبطت علينا من السماء. المشاكل هى رسالة لنفوسنا علينا أن نقرأها ونفهمها. إن هناك عيوب فى داخلنا علينا الالتفات إليها وإصلاحها. هناك احتياج إلى إشباع حاجاتنا الإنسانية. الحياة بالتأكيد لها أهداف أسمى من إشباع حاجاتنا، لكن على الجانب الآخر إن لم نُرضِ أولاً هذه الاحتياجات سوف لا نمضى فى أعمال أكثر نُبلاً ونفعًا. فعدم إشباع رغبات مثل الحب ـ الشعور بالأمان ـ أن أجد لحياتى معنى ـ أن استمتع بالحياة . عندما نغضب باستمرار ونتعصب ونتصرف تصرفات طائشة، فإن هذه الأمور هى أعراض لأمر ما فى داخلنا، فلا نلوم الآخرين بل نفحص نفوسنا. إن لم نعتنِ بنفوسنا فسوف نحيا حياة مملوءة بالمشاكل. لا نستطيع أن نحيا حياة حسنة إن لم نعتنِ بنفوسنا. نحترمها، نُقدِّرها، نُحبها. علينا أن نغامر ونتغير ونعتبر ذواتنا هى أهم شئ فى حياتنا. لكن ليس بإتبّاع أمور يؤمن بها الآخرين، بل ان نصغى إلى ما فى داخلنا. ليتنا نعتبر كل ألم نعانيه هو رسالة لنفوسنا، رسالة مفادها أن شئ فى داخلنا جدير بأن نلتفت إليه، رسالة بأنه حان الوقت للتغيير. لو استخدمنا آلامنا استخدامًا صحيحًا ستكون أدوات قوية تساعدنا على أن نتغير ويصير كل واحد منا كما يريد هو وليس كما يريد الآخرون. الأمر يبدأ منا، فنحن وحدنا علينا أن نغامر لنجد الحب والمعنى لحياتنا، وحتمًا ونحن سائرون فى الطريق سوف نكتشف احترامنا لنفوسنا. يجب أن نقرّر بأنه ليس أمرًا سيئًا أن نجرّب. نحن فقط بأنفسنا نستطيع أن نغيّر ذواتنا. لا أحد يستطيع أن يجبرنا ولا أن يفعل ما يجب أن نقوم به بأنفسنا. الألم قوة. الألم يمكنه أن يشلنا ويقيدنا، ويمكنه أيضًا أن يُقيمنا. يمكننا أن ننتصر ـ بالألم ـ على الخوف والروتين اليومى. فالخوف والعادة (الروتين) هما عائقان في سبيل تقدمنا ورُقينا. الجمود هو نتاج الإستسلام للرتابة وللقناعات المتوارثة. يقول القديس مقاريوس الكبير فى عظته السابعة عشر: [إن مجرد الامتناع عن الشرور ليس هو الكمال، بل إن دخلت إلى قلبك الخرب وذبحت الحية القتاّلة التى تكمن تحت العقل، تحت سطح الأفكار، وتختبئ داخل ما نسميه مخادع النفس ومخازنها الخفية. إن القلب هوة عميقة، فقط إن كنت تقتل هذه الحية وتخرج خارجا كل ما كان فيك من النجاسة فحينئذ تتحول إلى النقاوة.... فينبغى أن نستمر فى البحث عن الكيفية والوسائل التى نحصل بها على نقاوة القلب]. ويستمر القديس مقاريوس فى إظهار طريق النقاوة قائلاً: [لا يوجد طريق آخر سوى بواسطة ذلك الذى صلب لأجلنا. فهو الطريق والحياة والحق، والباب والجوهرة، والخبز الحى السماوى. وبدون هذا الحق تستحيل معرفة الحق، أى يستحيل الخلاص] (ص188). هنا نجد بُعدين للتغيير الجذرى: 1 ـ فحص النفس وإدراك خطورة الحيّة المختبئة فى القلب، قد تكون عادة شريرة، استسلام للشهوات، لأطماع، للخمول، ... إلخ. 2 ـ طلب معونة المخلص يسوع المسيح. التغيير فى بدايته صعب ولكن علينا أن نبدأ ونطلب نعمة المسيح التى لن تتخلى عنا بل تقودنا لكي نحقق ذواتنا ونعيش حياتنا التى نختارها نحن وليس الآخرون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق