الخميس، 19 مايو 2011

14ـ عن الديانة περί θρησκείας
                                                                                           رومانيدس - ترجمة د جورج عوض                                                                السؤال الآن هو : هل الديانة تتطابق مع التعليم عن خلود النفس, وكذلك مع التعليم عن وجود الله للحياة العتيدة؟ أيضًا هل تتطابق مع سيادة العدل التام؟ بمعني يجب أن يكون لدينا ديانة, لأنه يجب أن يوجد إله عادل, الذي سوف يدين كل البشر حتى يعاقب الأشرار في الجحيم ويكافئ الأبرار (الأولاد الطيبين) في الفردوس؟ لو الإجابة هي نعم, إذن يجب أن توجد الديانة حتى تسود العدالة المطلقة, ومن جهة أخري, حتى لا يظل إشتياق الإنسان للسعادة غير محقق. أي هل من الممكن للولد الطيب أن لا يحيا بعد الموت حياة سعيدة؟ مستحيل! ولو كان مظلوم في هذه الحياة. هل كل المظلومين أو الأولاد الطيبين هم من الممكن أن لا يبرروا في الحياة العتيدة؟ مستحيل! هل هناك لا ينبغي عليهم  أن يحيوا حياة سعيدة, حياة مفرحة؟ بالتأكيد ينبغي !
لكي يصير هذا, يجب أن توجد حياة بعد الموت, وكذلك يوجد إله صالح وعادل  سوف يوزع نصيبًا صالحًا وعادلاً! أليست الأمور هكذا؟ وفق إعتقاد العصور الوسطي, أقصد اللاهوت الغربي بأنه يجب أن يوجد هذا الإله.
لكل, فيما يتعلق بكل هذا, يأتي علم النفس الحديث ليلقي كل هذا في الهواء. تقول لنا إن هذه الإعتقادات هي نفسية, لأن الإنسان لديه في داخلة شعور بالعدالة, الذي فهو  الذي يطلب أن يُعاَّقب الأولاد الأشرار وُيكاَّفي الأولاد الطيبين! وطالما المكافأة لا تُنجز هنا في هذه الحياة, يستعرض الخيال البشري فكرة أن هذه الأمور يجب أن تتمم في حياة أخري ولأجل هذا, الإنسان الضعيف وكذلك ذاك الذي يحب العدالة وله مشاعر عميقة وجادة للعدالة, يصير متدين ويؤمن بعقائد الديانة التي يتبعها. لأجل هذه الأسباب يؤمن, لأن العقيدة التي يؤمن بها تخدم إحتياجه النفسي للعدالة. هذه الأسباب ليس لها أساسيات فلسفية بل أساسيات نفسية.
لكن الصواب في التفكير السابق هو, لو أن العدالة والسعادة يسودان علي الناس الصالحين, سيجب أن يسودا في هذه الحياة. لأن في الحياة الأخري هؤلاء البشر لا يعرفون ما إذا كان سيكون لديهم, طالما المبررات التي ذكرناها لوجود الحياة الأخري هي مبرارات نفسية تمامًا وليست مبرارات علمية, أي مبرارات تتأسس فوق منهجية إختبارية وعلمية. هكذا هؤلاء البشر يؤمنون بحياة بعد الموت لأنهم يريدون أن يؤمنوا. ولأجل هذا, جوهر الديانة بالنسبة لهم هو وجود حياة أخري حيث يُعاَّقب الاشرار ويُكافئ الاخيار.
هكذا, لأجل هذه الأسباب, يري المرء أن اليوم الناس الجادين في أوربا وأمريكا لا يقبلون هذه الأمور كأساس للديانة وعلماء كثيرون رفضوا الديانة وإنقادوا إلي تجاهل الديانات, بينما مثلهم في أوربا الشرقية إنقادوا إلي الألحاد (يتحدث الآب رومانيدس عام 1983). لكن السنوات الأخيرة يجد البعض شيوعيين كثيرين هجروا إلحاد الماضي القاسي وصاروا متجاهلين للديانة. ومن هذا المنظور يشبهون متجاهلي أوربا وأمريكا. من الجانب الآخر يوجد متدينون في حكومات شيوعية وأمريكا,  مازالوا يؤمنون بالحياة بعد الموت, لانهم ـ كما شرحنا ـ يريدون أن يؤمنوا, بدون أن يكون لديهم مبررات علمية لتعضيد قناعاتهم هذه. هذه هي الحالة بشكل عام.
الآن ما هو موقف الأرثوذكسية بالنسبة لكل هذا؟  أو هل الأرثوذكسية هي ديانة تهتم فقط بنهاية الإنسان بعد الموت؟ أم, هل هي ديانة تهتم بهذه الحياة هنا علي أساس أنها نموذج مسبق للحياة الأخري؟ طبعًا الثانية بالتأكيد. الآباء يشرحون السبب بتعبير صغير: "في الجحيم لا تكون توبة". أي بعد الموت لا توجد إمكانية للتوبة. لكن اللاهوتيون اليونانيون الحُداث يتبعون معلمهم Αδαμάπιο κοραῆ لديهم فكر ميتافيزيقي عن هذا الموضوع. لقد نسخوا منهج اللاتين والبروتستانت وقد إنحرفوا تمامًا عن التقليد الأرثوذكسي الآبائي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق