الخميس، 5 مايو 2011

ما هي الأرثوذكسية؟







4ـ ما هي الأرثوذكسية؟



الاب رومانيدس - ترجمة د جورج عوض
توجد  معارضة للأرثوذكس-على وصف توينبى للارثوذكسية-, أي الحضارة الأرثوذكسية। لكننا نتسائل ما هي الحضارة الأرثوذكسية؟ هل هي حضارة بمفهوم الحضارة الغربية؟ لا। ليست الأرثوذكسية هي حضارة حتى لو سماها توينبي حضارة أرثوذكسية। لماذا؟ لأن الأرثوذكسية هي عِلم وأيضًا علم طبي وفق المعايير اليومية। ليست حضارة। الأرثوذكسية ليست هي نظام سياسي أو إجتماعي। لأنها تهتم بخلاص الإنسان الشخصي, أي في خلاص نفسه। تتأسس الأرثوذكسية علي هذين الأثنين في "الكلمة صار جسدًا" (يو14:1) و"في الجحيم ليست هناك توبة"। بالتأكيد في داخل الأرثوذكسية توجد أساسيات لكي تُنشئ حضارة لكن الأرثوذكسية ليست هي حضارة, والأرثوذكسية ليست هي ديانة مثل كل الديانات الأخري। الأرثوذكسية تتميز بظاهرة فريدة لا توجد في الديانات الأخري। هذا التمييز هو أنثربولوجي وشفائي। في هذا الأمر هي تختلف। الأرثوذكسية هي تربية شفائية حيث تشفي الشخصية البشرية।
الطبيب الماهر يهتم بشفاء كل المرضي بلا إستثناء بدون أي تمييزات لا يفضل البعض ويميزهم لكي يشفيهم. لا يعنيه مستواهم الإجتماعي أو الثقافي أو حالتهم الإقتصادية أو ديانتهم أو تصرفهم الأخلاقي. الطبيب الماهر يري فقط  الإنسان الذي يلجأ إليه بانه مريض. وبما أنه  مريض فإنه يحرص علي شفاءه. إنه من الواجب عليه أن يشفيه. في التقليد الأرثوذكسي, لدينا شيء أكثر من ذلك. وفي هذا بالضبط يتآلف موقفنا.
الله يحب ليس فقط القديسين بل كل البشر بلا إستثناء، يحب كل الخطاه, كل الفُجار। ويريد أن يخلص وأن يشفي الكل, لأنه ليس الكل يريد أن يُشفى. وكون الله هو محبة ويريد أن يشفي الكل وأنه يحب الكل بالتساوي, حُقِقَ من خبرة المتألهين, أي كل الذين وصلوا إلي التأله, أي إلي معاينة الله ورؤيته।(هنا التأله ليس ان يصير الانسان مثل الله بحسب الجوهر حاشا)
لكن لا يستطيع الله أن يشفي الجميع, لأنه لا يغتصب إرادة الإنسان ،فالله يحترم الإنسان ويحبه. أيضًا لا يستطيع أن يشفي أحد عنوةً. يشفي فقط الذين يريدون أن يُشفوا ويطلبوا منه الشفاء. بالطبع, إذ كان أحد لديه مرض جسدي أو نفسي علية أن يذهب بإرادته وليس بالإجبار إلي الطبيب, لكي يتعافي, لو طبعًا في حالة عقلية سليمة. هكذا أيضًا في التربية الأرثوذكسية الشفائية. يجب للشخص بمفرده, بدون أي إجبار, بدون أي ضغط وبحرية أن يأتي إلي الكنيسة, إلي الناس المناسبين, الذين هم مستنيرون ولديهم خبرة ويملكون الوسيلة الشفائية للتقليد الأرثوذكسي, وأولئك عليهم أن يطيعوا لكي يجدوا الشفاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق