الاثنين، 23 مايو 2011



17ـ عن أفكار ومفاهيم الإنسان
18- ما هي العقيدة الأساسية للتقليد الآبائي؟
الاب رومانيدس – ترجمة د جورج عوض


ما هو أصل الأفكار والمفاهيم في الإنسان؟ صار هذا السؤال محل جدل في الفلسفة اليونانية القديمة وحتى اليوم، ما إذا كانت المفاهيم والكلمات في الإنسان محددة مسبقة في الإنسان أم هي شيء يكتسبه كل واحد علي حدة، هذه المشكلة نراها بوضوح عند أتباع أرسطو.
بعد ذلك، في العصور الوسطي، أُعِيد فحص الموضوع. هكذا وصلنا إلي عصر التنوير وهكذا نمضي حتى العصر الحديث.
اليوم العلوم الوضعية قد أخذت علي عاتقها هذا الموضوع. نري علماء النفس وعلماء الطب النفسي وعلماء البيولوجي والأطباء،..الخ. يبحثون موضوع أصل ونشأت الأفكار في الإنسان مطبقين مناهج إختبارية. أي هذا الموضوع ليس هو اليوم موضوعالإختباري.
في هذه اللحظة (نهاية 1983) يُناقش الموضوع ما إذا أن اللغة البشرية هي محددة مسبقًا وتوجد من طبيعة الإنسان أم هي مكتسبة من عِلم اللغة. إننا نري أن كل لغة لديها تطور مذهل مع مرور الزمن، حتى أنه من دهر إلي الاخر تحققت إختلافات هامة في لغة واحدة . إذن لا يستطيع المرء أن يكون متأكدًا بأنه، عندما يقرأ نص أقدم، يدرك تمامًا النصوص، كذلك أيضًا قاموس ذلك العصر. أي بأي مفهوم أُستخدمت كلمات محددة.  بحث عقلي من جانب الإنسان (فى مجال الفلسفة والميتافيزيقية) أو المفكر الفلسفي بل هي أيضًا موضوع البحث
هكذا يري المرء أنه، عندما يقارن اليونانية القديمة بالحديثة، توجد كلمات كثيرة جدًا حُفظت في اللغة الحديثة، لكن قد تغير مفهومها وليس لها نفس الأهمية التي لدي اللغة القديمة. ذاك الذي هو هام، أن المصطلحات هي عند آباء الكنيسة كحاملة لمفاهيم محددة. هكذا، لكي نفهم فهمًا صحيحًا الآباء، يجب ليس فقط أن نعرف المصطلحات التي يستخدمها الآباء بل ما يناظرها من مفاهيم وعندما نقول آباء، لا نقصد فقط آباء العهد الجديد بل ايضا والقديم. آباء العهد الجديد يشيرون إلي أنبياء العهد القديم، إلي آباء آبائنا ولأجل هذا نُعيد فى أحد آبائنا القديسين.. إذن الهدف ليس هو أن نعرف فقط تعبيرات الآباء بل أيضًا المفاهيم التي تحتويها هذه التعبيرات.
نري، من كل التقليد الآبائي، أن الآباء يشددون علي أن إذا طابق أحد التعابير أي المفاهيم عن الله بالله ذاته، فهذا العمل هو بداية عبادة الأوثان. وهذا، لأن الله لا يتطابق مع أي مفهوم بشري، غير مخلوقية الله τό ἄκτιστον τοῡ θεοῡ لا يُعبَّر عنها تعبيرًا جوهريًا أو أساسيًا بالمفاهيم البشرية بل فقط مجازيًا نعطي أسماء لله (علي سبيل المثال، إنه صالح، خيَّر، رحوم،... الخ). وهذا، لأننا نعرف من خبرة الأنبياء والآباء، من خبرة التمجيد أي شركة تألههم. في هذه الخبرة دُقق هذا الحدث أي لا يتجاوب أي مفهوم بشري محدود مع حقيقة الله غير المخلوقة. لا يوجد إطلاقًا أي تطابق ولا تشابه للمفاهيم أو الأسماء التي لدينا عن الله مع حقيقة ما هو الله ذاته.
لأجل هذا السبب بحسب خبرة الشركة تحقق أن الله لا هو واحدية ولا واحد ولا ثالوث. علي هذا الموضوع لدينا نصوص رائعة من ديونيسيوس الأريوباعي، وكذلك من القديس غريغوريوس النيصي، ويوافق معهما بقية آباء الكنيسة لأن لديهم نفس خبرتهم.
18ـ ما هي العقيدة الأساسية للتقليد الآبائي؟
يوجد رأي يقول إن التعليم اللاهوتي الذي يُدعَّي السلبي ἀποφατική هو فلسفة متأثرة بالأفلاطونيين الحُداث. لا يوجد أي شك بأنه يوجد تشابه في المصطلحات بين الأفلاطونيين الحُداث وآباء الكنيسة، فلدي الأفلاطونيون الحُداث تعليم لاهوتي سلبي. لكن هنا يوجد إختلاف جوهري. الصفة الغالبة علي الأفلاطونية الحديثة هي الدهشة εκστασιςالتي هي خبرة بالنسبة لآباء الكنيسة  شيطانية. أثناء الدهشة (الإنخطاف والذهول) يخرج عقل الإنسان من المكان والزمان، كذلك أيضًا يخرج من تتابع الفكر وينضم أو يتحد (هذا يُفترض منهم) بغير المتغير،أي يقولون أن الأفلاطونية الحديثة تتخطي الزمن والأمور غير المتغيرة. داخل هذة الحالة، الجسد بالنسبة لهؤلاء هو شيء شرير أو مرفوض. دائمًا الجسد – بحسب الافلاطونية الحديثة- لا يشترك في خبرة الدهش. التخلص من أخطاء الفكر البشري هو مصدر تعليم الأفلاطونية الحديثة السلبي. إنهم يحاولون التخلص ليس من كل ما هو مخلوق بل كل ما هو متغير. وهذا لأن في الأساس الميتافيزيقي، الأفلاطونية الحديثة لا تؤمن بمفاهيم مثل الخلق من العدم، والوجود غير المخلوق، أي لا يوجد تمييز بين المخلوق وغير المخلوق. بينما العقيدة الأساسية للتعليم اللاهوتي المسيحي هوالتمييز الواضح بين المخلوق وغير المخلوق، كذلك أيضًا بين المخلوق وغير المخلوق لا يوجد أي تشابه. هذه هي العقيدة الأساسية ليس فقط للتقليد الآبائي بل للتقليد العبري حتى اليوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق