الأربعاء، 25 مايو 2011

المحبة والدينونة
الاب فلاديمير بيرزونسكى عميد معهد سرجيوس باريس ، ترجمة د جورج عوض

" لدينونة أتيت أنا إلى العالم" يو39:9
" لأنى لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم " يو47:12
يبدو ان هناك تناقض ، فالمسيح يقول لنا ، بأنه أتى إلى العالم لكى يدين العالم ، وبعد قليل فى نفس الانجيل يقول ، انه لم يأت لكى يدين العالم بل لكى يخلص العالم . كيف يمكن ان يدين بدون ان يدين أو ان الديان لا يدين ؟ ايضا قبل قوله هدا نقرأ : " الآب لا يدين أحد بل قد أعطى كل الدينونة للإبن " يو22:4 وأربط هدا بالفرز المشهور للخراف فى (مت31:25ـ46) "«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. 32وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، 33فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. 34ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. 35لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. 36عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. 37فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ 38وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ 39وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ 40فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.
41«ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ، 42لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي. 43كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَانًا فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضًا وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي. 44حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضًا قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا أَوْ عَطْشَانًا أَوْ غَرِيبًا أَوْ عُرْيَانًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟ 45فَيُجِيبُهُمْ قِائِلاً: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا. 46فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابE أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».
عندما يأتى ابن الانسان ، الملك ، فى مجده ويفرز الشعب، بطريقة الراعى، الخراف عن الجداء ، فمن الواضح أنه سوف توجد دينونة وفرز لأولئك الدين هم مدعون لكى يكون لهم نصيب من مجد ملكوت السموات عن هؤلاء الذين سوف يظلوا خارجاً . لكن مَن سوف يقوم بالإدانه ؟ ليس هو الآب بل هو هدف رسالة إبنه . إلا ان إبن الله يسوع المسيح يقول حقاً انه أتى لكى يخلص العالم ، وليس لكى يدين العالم . ولا يوجد تناقض .
تخيل انك مولع بالموسيقى الكلاسكية وفى حياتك تعشق روعة هدة الموسيقى وتسمع دائماً موسيقى الاوبرا العظيمة . ثم بعد دلك قابلت فتاة ووقعت فى حبها ، وأردت ان تعمل لها مفاجأة رائعة بأن تُسمعها أوركسترا فائقة الروعة ومغنيين أوبرا . وحصلت على التداكر بصعوبة وان كلفك هدا ان تدفع اكثر. هكدا اردت ان تشاركك مَن تحبها فى ما تستمتع به فى حياتك . لكن ، للتو حين بدأت الاوبرا ، تململت محبوبتك بعصبية وشعرت بالملل . وانت لم تستطيع ان تستمتع بالحفلة وانت تراها فى ملل وضجر. ليس ما حدث هو خطأ الاوبرا ولا الأوركسترا او المؤديين للغناء . ولم تكن هناك حاجة لسؤالها عن تدوق الموسيقى ولا انطباعها ... أنت لم تدينها ، هى ذاتها قد ادانت نفسها .
قياس المثل على موضوعنا قد يكون ضعيف ، فأنت يمكن ان تُعيد النظر فى اختيار الرفيق غير المنسجم مع اهتماماتك وميولك . انت تستطيع ان تمحو اسمها من قائمة تليفوناتك او تزيل اسمها من تليفونك المحمول وان لا تدعوها لميعاد معها لمرة ثانية . لكن الآب السماوى لا يتوقف ابدا عن حبه لنا بغض النظر عن ضعفنا او غياب الرغبة فى التجاوب مع حُبه لنا . لقد ارسل الآب ابنه الوحيد لكى يقبل الناس دعوتة او يرفضوها . وكل المسيحيين يعرفون التعبير المشهور : " لانه هكدا أحب الله العالم حتى بدل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل مَن يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية " يو16:3 ثم ايضا : " لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم " يو 17:3 . أتى المسيح كنور لكى يقودنا إلى النور السماوى ؟ لكن يوجد أولئك الذين يفضلون الظلمة عن النور ، لأنهم يصنعون أعمالا شريرة ولا يريدون لأعمالهم ان تظهر فى النور . لقد أختاروا وأختياراتهم ذاتها تدينهم . عندما أقرأ هدة النصوص فى انجيل يوحنا ، تخيفنىلانها مكتوبة ببساطة . فالكاتب يستخدم بوضوح كلمات قصيرة وتعبيرات بحيث ان القارىء يجد صعوبة فى التظاهر بأنه لا يفهمها . وهدا التظاهر الدى يبديه هو ايضاَ الدينونه .
OCAالمقالة منشورة على موقع الكنيسة الارثوذكسية فى امريكا بتاريخ 22 فبراير 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق