الاثنين، 2 مايو 2011



اللاهوت الآبائي
للأب رومانيدس - ترجمة د جورج عوض
1ـ "ذهن" أو”عقل” الإنسان ὀ νοῠς τοῡ ἀνθρὼπου
شفاء نفس الإنسان هو الإهتمام الأساسي للكنيسة الأرثوذكسية. الكنيسة دائمًا تحرص على شفاء النفس وقد تحقق من التقليد العبري من المسيح ذاته والرسل أن في القلب الطبيعي يعمل شيء, حيث الآباء يسمونه "ذهن" νοῠν.
أي أخذوا "العقل" التقليدي الذي يعني الفكر διάνοια والمنطق λόγος
وعملوا تمييزًا فسّمَوا العقل هذا بالذهن الذي يعمل في قلب الإنسان الصحيح نفسيًا. لا نعرف متى صار هذا التمييز, لأنه يحدث أيضًا أن بعض الآباء يسمونه بنفس الكلمة, ذهن νοῠν وعقل λογικη ، والذهن, ينزل ويعمل في نطاق القلب.
عندئذٍ من هذا المنطق الفعل الذهني هو فعل العقل الموجود فى الدماغ إذ هو ذاته يعمل في نفس الوقت أيضًا في القلب كـ ذهن
νοῠς. أي العضو ذاته, الذهن (العقل) ὀ νοῠς يصلي بلا إنقطاع في القلب في كل الذين يصلون الصلاة القلبية الدائمة وفي نفس الوقت يفكر علي سبيل المثال في المسائل الحسابية وأي أمر آخر في الدماغ.
ينبغي أن نقول أن هذا الذي يسميه بولس الرسول ذهن يتطابق مع هذا الذي يسميه الآباء فكر أو إدراك διάνοια. هو إختلاف في المصطلح عندما يقول بولس الرسول "أُصلي بالروح" (1كو15:14), يقصد ما يقولوه الآباء "أصلي بالذهن", وعندما يقول "أصلي بالذهن" يقصد "أصلي بالفكر". تسمية «νοῠς»
اى الذهن عند الآباء ليست هى ذاتها عند بولس الرسول, بل هو الروح عند بولس الرسول. عندما يقول أُصلي بالذهن, يعنى: أصلي بالروح أو أسبح بالذهن, تعنى: أسبح بالروح, وعندما يقول روح الله تشهد لأروحنا, بكلمة روح يقصد هذا الذي يقولوه الآباء νοῠν. وبكلمة νοῠν يقصد الذهن والفكر والعقل.
في تعبيره "روح الله (الروح نفسه) يشهد لأرواحنا"
(رو16:8),
يتحدث عن روحين: روح الله وعن الروح البشري. هذا الروح البشري إبتدأ في زمن القديس مقاريوس المصري يُسمَّي الذهن: νοῠς, وفقط أسماء مثل: قول وفكر ظلاَّ يخصان عقلية الإنسان هكذا تطابق «νοῠς» مع «πνεῡμα» أي تطابق الذهن مع الروح, أي بالقلب «καρδιά». لأن نطاق روح الإنسان هو القلب بحسب بولس الرسول. فروح الله يتحدث إلي أرواحنا, أي الله, يتحدث في قلوبنا بواسطة نعمة الروح القدس.
هكذا العبادة العقلية تصير عند بولس الرسول بالعقل (أي بالفكر والعقل), بينما الطِلبة الذهنية νοερά ευχή تصير بالروح وهي الطِلبة الروحية, أي الصلاة القلبية। الإنسان لديه مركزين معروفين। الواحد هو الذهن νοῠς الذي هو العضو المناسب لقبول إعلان الله, والآخر هو العقل والمنطقλογική الذي يعرف العالم المحسوس المحيط بنا. هكذا ذاك الذي يقول عنه بولس الرسول "ولكن في كنيسة أُريد أن أتكلم خمس كلمات بذهني لكي أعلم آخرين أيضًا أكثر من عشرة آلاف كلمة بلسان" (1كو19:14), يعني أنه كان يفضل أن يقول خمس كلمات بواسطة العقل لكي أكرز للآخرين عن أن أصلي ذهنيًا νοερῶς. هذا الذي يقوله هنا بولس الرسول فُسِر من بعض الرهبان بأنه يتحدث عن صلاة يسوع: "ياربي يسوع المسيح إرحمني" التي تتكون من خمس كلمات. لكن هنا بولس الرسول يتحدث عن كلمات كان يكرز بها للآخرين. لأنه كيف يمكن أن تصير الكرازة بصلاة ذهنية طالما أن الصلاة الذهنية هي صلاة الإنسان الداخلية والآخرون حوله لم يسمعوا شيئًا؟ لكن الكرازة تصير بتعليم عقلي وبعبادة عقلية. نُعَلِم ونتحدث بواسطة العقل الذي هو التواصل المعتاد بين البشر.
أيضًا التواصل والشركة توجد بين الذين يصلون بالذهن في قلوبهم. أي يستطيعون أن يجلسوا معًا والواحد يتواصل ويصنع شركة مع الآخر ذهنيًا بدون أن يتحدثا. أقصد توجد بينهما شركة روحية. هذا بالطبع يحدث لهؤلاء أيضًا من بعيد وهؤلاء أيضًا لديهم موهبة البصيرة والتبصر. بالبصيرة يقتفون أثر خطايا كل إنسان وكذلك أفكاره, بينما بالتبصر يرون ويتحدثون عن أمور وأعمال وحوادث مستقبلية حقًا ، يوجد مثل هؤلاء الناس المواهبيين, ولو ذهبتم لكي تعترفوا لهؤلاء, فإنهم يعرفون كل ما لديكم في حياتكم قبل أن تفتحوا أفواهكم وتتحدثوا إليهم.
يتحدث الاب رومانيدس فى الحلقة القادمة عن :مَنْ هو مريض النفس بحسب آباء الكنيسة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق