الأربعاء، 4 مايو 2011

إبتعاد المسيحية الغربية عن الأخلاق الأرثوذكسية







3ـ إبتعاد المسيحية الغربية عن الأخلاق الأرثوذكسية



الاب رومانيدس- ترجمة د جورج عوض
أيضًا بخصوص هذه المواضيع، يستطيع الأرثوذكس اليوم الإجابة لأن المسيحية الغربية قد ابتعدت اليوم كثيرًا جدًا عن التربية المسيحية الأرثوذكسية من منظور المرض والشفاء. إنهم لا يعتبرون الأرثوذكسية كأنها تربية شفائية, بالرغم من ان محتوى كل طلبات الكنيسة هي تمامًا علي هذا الموضوع. لأن المسيح, مَنْ يكون بالنسبة للمسيحية الأرثوذكسية؟ ألا يُدعيَّ مرارًا في الطِلبات ومدائح الكنيسة :
"طبيب نفوسنا وأجسادنا".
لو بحثتم في التقليد الكاثوليكي أو البروتستانتي, عن هذا اللقب للمسيح كطبيب سوف لا تجدونه أبدًا ! لماذا هذا التقليد أنطفئ من الغرب, وعندما نتحدث إليهم عن التربية الشفائية, يتفاجئون؟
لأن الإحتياج للتطهير والإستنارة, والإحتياج للتغيير الداخلي قد إختفيا من تعليمهم اللاهوتي. بالنسبة لهؤلاء, ذاك الذي يتغير ليس الإنسان بل الله ! الإنسان بالنسبة لهؤلاء لا يتغير. الشيء الوحيد الذي يفعله الإنسان بالنسبة لهؤلاء هو أن يصير إنسان كويس وعندما يصير الإنسان الشرير إنسان حسن وكويس, عندئذٍ الله يحبه. غير ذلك يشيح وجهة عنه ! لو ظل أو صار ولد سيىء, عندئذٍ الله لا يحبه ! أي لو أن الإنسان صار وُلد حسن, عندئذٍ يتغير أيضًا الله ويصير صالح (حسن). وفى الماضى لم يكن الله يحبه, والآن يحبه ! عندما يصير الإنسان ولد شرير, الله يغضب, وعندما يصير الإنسان ولد حسن, الله يفرح ! هذا للأسف يحدث في أوربا. بل يحدث أيضًا في بلادنا، ويسيطر هذا الفكرعلي كثيرين داخل الكنيسة . لقد تأسس فى تفكير كثيرين أن الأرثوذكسية هي ديانة μία θρησκεία, حيث الله يغير مقاصده وأهدافه ! عندما يصير الإنسان حسن, الله يحبه. وعندما يصير شرير, الله لا يحبه. بمعني إن الله يعاقب ويكافئ ! هكذا جوهر الأرثوذكسية اليوم هو عِلم الأخلاق. أليست هذه التعاليم تُوجَّه للأولاد في مدارس الأحد؟
لو إفترضنا أن باحث ليس له أي علاقة بالأديان, باحث مُلحِد, يبحث التقاليد الدينية وتناول التقليد الأرثوذكسي ونقب وإكتشف ووصف هذا التقليد. سوف يقول: أنظروا هنا! هذا التقليد يتحدث عن النفس, عن الفعل الذهني للنفس وعن تربية شفائية محددة بعد ذلك يستمر هذا الباحث لكي يعرف هل هذه التربية الشفائية قد طُبقت حينذاك في مجتمعات الناس, سوف يستخرج نتيجة مفيدة عن العافية الفردية والمجتمعة وبعد ذلك أيضًا, يبدأ ليعرف بالضبط متى ظهر هذا التقليد, وما هي مصادرة, وكم من الدهور (الأزمنة) قد طُبق عمليًا, وأين طُبق ولماذا لا يوجد اليوم عند الأرثوذكس, عند الأغلبية منهم, ولماذا خضعت الأرثوذكسية لغير هذا التقليد. وهذا الباحث يستمر ويجد أن هذا يحدث لأن الهدوئية Ησυχασμός والرهبنة التقليدية التي هي حاملة لهذا التقليد قد إختفت .
لماذا إختفت؟
لأن البلاد بدأت تتبني الحضارة الغربية كما حدث في روسيا بعد إصلاح بطرس الكبير, وفي اليونان بعد ثورة 1821 والمؤرخ المعاصر توينبي يقول أن الحضارة الأرثوذكسية تشاكلت تدريجيًا بالحضارة الغربية. لقد كتب كتاب كامل يميز فيه اليوم الحضارات الموجودة إلي خمس حضارات فقط, من عشرين حضارة كانت موجودة في الماضي. هذه الحضارات الخمس هي الحضارة الهندية وحضارة الشرق الأعلي (الصين واليابان), والحضارة الأوربية, الحضارة الأرثوذكسية والحضارة البدائية التي توجد اليوم في مناطق إستراليا وأفريقيا. ولدي توينبي نظرية أن كل الحضارات اليوم صارت مثل الحضارة الغربية.
في الماضي بدأت عملية التغريب بواسطة إرسالية التبشير الغربية. الأوربيون في الماضي وكذلك اليوم يرسلون جنود للإرساليات التبشرية لكي يجعلوا ليس الأمم الأخري مسيحيين, لكن أيضًا لكي يصيروهم غربيين. لأجل هذا يوجد في اليونان كل هؤلاء الهراطقة ومازالوا يعملون. لكن هذا التبشير يقول توينبي
Toynbee
أخفق في بلاد إفريقية وثنية وأماكن أخري, ان المرسلون قسموا وفصلوا الناس, علي سبيل المثال في أسرة وثنية حدث أن الواحد صار لوثري وأخ آخر صار أنجيليكاني, وآخر معمداني, وإبن عمه صار موديستي, وآخر خمسيني, وآخر إنجيلي...الخ, ليس فقط قسموا البلد إلي قطع من جهة الدين بل أيضًا العائلات ذاتها أنقسمت علي نفسها. بالتالي لقد ثبُت أن هذا النوع من التبشير قد أخفق إخفاقًا كبيرًا في جعل شعوب العالم الثالث مثل الشعوب الغربية.
هكذا فضَّل توينبي سنة 1948 حل جديد هو تحويل الشعوب إلي شعوب غربية عن طريق التكنولوجيا وكذلك أيضًا الإقتصاد।




سوف يتحدث الاب رومانيدس فى المرة القادمة عن : ما هى الارثوذكسية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق